وأما كون صفية وقفت على أخ لها يهودي فهو لا يرثها ولا تنكر ذلك وأما كلام الحميدي فتقدم الكلام عنه وسر المسألة أنك تفهم أن أهل الكوفة يبطلون الوقف على المساجد وعلى الفقراء والقرابات الذين لا يرثونهم فرد عليهم أهل العلم بتلك الأدلة الصحيحة ومسألتنا في إبطال هذا الوقف الذي يغير حدود الله وإيتاء حكم الجاهلية وكل هذا ظاهر لا خفاء فيه ولكن إذا كان الذي كتبه يفهم معناه وأراد به التلبيس على الجهال كما فعل غيره فالتلبيس يضمحل وإن كان هذا قدر فهمه وأنه ما فهم هذا الذي تعرفه العوام فالخلف والخليفة على الله وأما ختمه الكلام بقوله
ﵟوما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهواﵞ
فيالها من كلمة ما أجمعها ووالله إن مسألتنا هذه من إنكارها وقد أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزم حدود الله والعدل بين الأولاد ونهانا عن تغيير حدود الله والتحيل على محارم الله وإذا قدرنا أن مراد صحاب هذا الوقف وجه الله لأجل من أفتاه بذلك فقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البدع في دين الله ولو صحت نية فاعلها فقال من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وفي لفظ ومن عملا عملا ليس عليه أمرنا فهو رد هذا نص الذي قال الله فيه
ﵟوما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهواﵞ
وقال
ﵟوإن تطيعوه تهتدواﵞ
وقال
ﵟقل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم اللهﵞ
فمن قبل ما آباه الرسول وانتهى عما نهى وأطاعه ليهتدي واتبعه ليكون محبوبا عند الله فليوقف كما أوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما وقف عمر رضي الله عنه وكما وقفت حفصة وغيرهم من الصحابة وأهل العلم وأما هذا الوقف المحدث الملعون المغير لحدود الله فهذا الذي قال الله فيه بعد ما حد المواريث والحقوق للأولاد والزوجات وغيرهم تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم
ﵟومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهينﵞ
وقد علمتم ما قال الرسول فيمن أعتق ستة من العبيد ومارد وأبطل من ذلك فهو شبيه بمن أوقف ماله كله خالصا لوجه الله على مسجد أو صوام أو غير ذلك فكيف بما هو أعظم وأطم من هذه الأوقاف
صفحہ 85