من أعلام المجددين
من أعلام المجددين
ناشر
دار المؤيد
ایڈیشن نمبر
الأولى ١٤٢١هـ
اشاعت کا سال
٢٠٠١م
اصناف
مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله ﷿ الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه.
فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلين١، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وبعد:
فمن المعلوم أنه كلما تأخر الزمان وبعد الناس عن آثار الرسالة حدثت البدع، والخرافات وفشا الجهل واشتدت غربة الدين، وظن الناس أن ما وجدوا عليه آباءهم هو الدين وإن كان بعيدًا عنه، ولكن الله سبحانه لا يخلى الأرض من قائم لله بحجة. وقد أخبر الرسول ﷺ بأن طائفة من المسلمين لا تزال على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا
_________
١ هذه خطبة الإمام أحمد في كتاب الرد على الجهمية رأينا مناسبتها للموضوع فقدمناه بها.
1 / 3
من خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى، كما أخبر ﷺ في الحديث الذي رواه أبو داود وصححه الحاكم وغيره حيث قال: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"، قال المناوي في فيض القدير: (٢/٢٨١-٢٨٢) أي يقيض لها (على رأس كل مائة سنة) من الهجرة أو غيرها، والمراد الرأس تقريبًا (من) أي رجلًا أو أكثر (يجدد لها دينها) أي يبين السنة من البدعة ويكثر العلم وينصر أهله ويكسر أهل البدعة ويذلهم –قالوا ولا يكون إلا عالمًا بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة، قال ابن كثير: قد ادعى كل قوم في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث والظاهر أنه يعم جملة من العلماء من كل طائفة وكل صنف من مفسر ومحدث وفقيه ونحوي ولغوي وغيرهم /انتهى.
وقد وقع مصداق ما أخبر به النبي ﷺ في هذا الحديث فلا يزال –والحمد لله- فضل الله على هذه الأمة يتوالى بظهور المجددين عند اشتداد الحاجة إليهم، ومن هؤلاء المجددين الإمام بن حنبل في القرن الثالث، وشيخ الإسلام ابن تيمية في آخر القرن السابع وأول الثامن، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر، وقد أحببت في هذه العجالة أن أقدم بعض المعلومات عن هؤلاء الأئمة، وما قاموا به من تجديد هذا الدين مما لا تزال آثاره باقية في هذه الأمة ولله الحمد والمنة، والقصد من ذلك تعريف من يجهل مجهود هؤلاء الأئمة والتنبيه للانتفاع بآثارهم والاقتداء بهم، والله الهادي إلى سواء السبيل ...
1 / 4
١-الإمام أحمد بن حنبل
١-نسبه:
هو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان١.
٢-نشأته وتعلمه:
قدم به والده من مرو وهو حمل، فوضعته أمه ببغداد في ربيع الأول من سنة أربع وستين ومائة وتوفي أبوه وهو ابن ثلاث سنين فكفلته أمه، وقد كان في حداثته يختلف إلى مجلس القاضي أبي يوسف، ثم ترك ذلك وأقبل على سماع الحديث، وكان سنه ست عشرة سنة، ثم حج عدة مرات وجاور بمكة مرتين، ثم سافر إلى عبد الرزاق في اليمن وكتب عنه، وقد طاف في البلاد والآفاق وسمع من مشايخ العصر وكانوا يجلونه ويحترمونه٢.
قال ابن الجوزي: ابتدأ أحمد ﵁ في طلب العلم من شيوخ بغداد ثم رحل إلى الكوفة والبصرة ومكة والمدينة واليمن والشام والجزيرة، وكتب عن علماء كل بلد، ثم ذكر أسماء من لقي من كبار العلماء وروى عنهم مرتبين على حروف المعجم من الألف إلى الياء،
_________
١ مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي ص ٣٨.
٢ البداية والنهاية لابن كثير ١٠/٣٦٩.
1 / 5
ثم ذكر من روى عنهم ممن عرف بكنيته ولم يتحقق عنده اسمه، ثم ذكر من روى عنهن من النساء١ وقد ذكر خلقًا كثيرًا من شيوخه.
٣-غزارة علمه:
قال إبراهيم الحربي: رأيت أحمد بن حنبل فرأيت كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين من كل صنف يقول ما شاء ويمسك ما شاء، وقال أحمد بن سعيد الرازي: ما رأيت أسود الرأس أحفظ لحديث رسول الله ﷺ ولا أعلم بفقهه ومعانيه من أبي عبد الله أحمد بن حنبل.
وقال أبو عاصم: ليس ثمة ببغداد إلا ذلك الرجل يعني أحمد بن حنبل ما جاءنا من ثم أحد مثله يحسن الفقه، وقال الخلال: كان أحمد قد كتب كتب الرأي وحفظها ثم لم يلتفت إليها.
وكان إذا تكلم في الفقه تكلم كلام رجل قد انتقد العلوم فتكلم عن معرفة، وقال أبو زرعة كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث٢ فقيل له وما يدريك، قال ذاكرته فأخذت عليه الأبواب٣.
وقال ابن الجوزي: وقد كان أحمد يذكر الجرح والتعديل من حفظه إذا سئل عنه كما يقرأ الفاتحة –ومن نظر في كتاب العلل لأبي بكر الخلال عرف ذلك، ولم يكن هذا لأحد من بقية الأئمة، وكذلك
_________
١ مناقب الإمام أحمد في الصفحات ٤٦، ٥٨، ٨١.
٢ يعني مليون حديث.
٣ نفس المصدر: ٨٥، ٨٩، ٩٠.
1 / 6
إنفراده في علم النقل بفتاوي الصحابة وقضاياهم وإجماعهم واختلافهم لا ينازع في ذلك، وأما علم العربية فقد قال أحمد كتبت من العربية أكثر مما كتب أبو عمرو الشيباني، وأما القياس فله من الاستنباط ما يطول شرحه١، قال الإمام ابن الجوزي: واعلم أنا نظرنا في أدلة الشرع وأصول الفقه، وسبرنا أحوال الأعلام المجتهدين فرأينا هذا الرجل أوفرهم حظًا من تلك العلوم، فإنه كان من الحافظين لكتاب الله ﷿، قال أبو بكر بن حمدان القطيعي: قرأت على عبد الله بن أحمد بن حنبل قال لقنني أبي أحمد بن حنبل القرآن كله باختياره، وقرأ ابن حنبل على يحيى بن آدم وعبيد بن الصباح وإسماعيل بن جعفر وغيرهم بإسنادهم.
وكان أحمد لا يميل شيئًا في القرآن ويروى الحديث: "أنزل مفخمًا ففخموه"، وكان لا يدغم شيئًا من القرآن إلا (اتخذتم) وبابه كأبى بكر، ويمد مدًا متوسطًا وكان ﵁ من المصنفين في فنون العلم من التفسير والناسخ والمنسوخ والمقدم والمؤخر إلى غير ذلك، وأما النقل فقد سلم الكل له إنفراده فيه بما لم ينفرد به سواه من الأئمة من كثرة محفوظه منه ومعرفة صحيحه من سقيمه وفنون علومه، وقد ثبت أنه ليس في الأئمة الأعلام قبله من له حظ في الحديث كحظ مالك. ومن أراد معرفة مقام أحمد في ذلك مقام مالك فلينظر فرق ما بين المسند والموطأ٢.
_________
١ المدخل للشيخ عبد القادر بن بدران ص ١٠٥.
٢ مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص ٥٩٩-٦٠٠.
1 / 7
قال ابن بدران في كتاب المدخل١ في ذكر مؤلفاته: والمسند وهو ثلاثون ألف حديث، وكان يقول لابنه عبد الله: احتفظ بهذا المسند فإنه سيكون للناس إمامًا، وقال عبد الله قرأ علينا أبي المسند وما سمعه منه غيرنا، وقال لنا: هذا كتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف حديث.. انتهى.
وهذا يدل على غزارة علمه بالحديث وتميزه فيه وقوة نقده. وهكذا من يتعلم العلم من مصادره الأصيلة: كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، وتتلمذ على حملته من جهابذة العلماء مع النية الصادقة والعمل به، فإنه حري أن يوفق لتحمل العلم النافع ويكون إمامًا في الدين، كما كان الإمام أحمد وغيره من أئمة الإسلام وحملة الشريعة. فعسى أن يكون في هذا حافزًا لشباب المسلمين اليوم وقد توفرت لهم وسائل التعلم ليهبوا لحمل هذا العلم الذي به عزهم وشرفهم في الدنيا والآخرة –نرجو ذلك.
٤-علمه وأخلاقه:
من المعلوم أن العلم وسيلة للعمل ومصحح له، فالغاية المطلوبة هي العمل الصالح والعلم وسيلة لتلك الغاية –وفي الحكمة المأثورة: "علم بلا عمل كشجر بلا ثمر"، والله تعالى يقول: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ ٢.
_________
١ ص ١٠٤.
٢ الآية ٢٨٢ من سورة البقرة.
1 / 8
والصحابة ﵃ يقول قائلهم: ما كنا نتجاوز عشر آيات حتى نتعلم معانيهن والعمل بهن، قالوا فتعلمنا العلم والعمل جميعًا، وكان سلفنا الصالح على هذه الصفة، ومنهم الإمام أحمد فقد اتصف بالعلم الغزير والعمل الصالح والأخلاق الفاضلة.
ذكر ابن الجوزي في صفة الصفوة١ قال: وعن عبد الله بن أحمد قال كان أبي أصبر الناس على الوحدة، لم يره أحد إلا في مسجد أو حضور جنازة أو عيادة مريض، وكان يكره المشي في الأسواق.
وعنه قال: كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط٢ أضعفته فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة، وقد كان قرب من الثمانين وكان يقرأ في كل يومًا سبُعًا يختم في كل سبعة أيام، وكانت له ختمة في كل سبع ليال سوى صلاة النهار، وكان ساعة يصلي عشاء الآخرة ينام نومة خفيفة، ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو، وحج أبي خمس حجات، ثلاث حجج ماشيًا واثنتين راكبًا، وأنفق في بعض حجاته عشرين درهما، وعنه قال: كنت أسمع أبي كثيرًا يقول في دبر الصلاة: اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك صنه عن المسألة لغيرك، وقال صالح بن أحمد بن حنبل: ورد كتاب علي بن الجهم: أن أمير المؤمنين (يعني المتوكل) قد وجه إليك يعقوب المعروف بقوصرة ومعه جائزة ويأمرك بالخروج، فالله الله أن تستعفي أو ترد المال فيتسع القول لمن يبغضك، فلما كان من
_________
١ ص ١٩٧ جـ٢.
٢ يعني الأسواط التي ضربها بسبب امتناعه من القول بخلق القرآن في عهد المعتصم.
1 / 9
الغد ورد يعقوب فدخل عليه فقال: يا أبا عبد الله أمير المؤمنين يقرئك السلام، ويقول قد أحببت أن آنس بقربك وأن أتبرك بدعائك –وقد وجهت إليك عشرة آلاف درهم معونة على سفرك وأخرج صرة فيها بدرة نحو مائتي دينار والباقي دراهم صحاح، فلم ينظر إليها ثم شدها يعقوب، وقال له أعود غدًا حتى أبصر ما تعزم عليه، وانصرف فجئت بإجانة خضراء فكببتها على البدرة، فلما كان عند المغرب قال: يا صالح خذ هذا فصيره عندك، فصيرتها عند رأسي فوق البيت، فلما كان سحرًا إذا هو ينادي يا صالح فقمت فصعدت إليه فقال: ما نمت ليلتي هذه فقلت: لم يا أبت؟ فجعل يبكي وقال: سلمت من هؤلاء حتى إذا كان في آخر عمري بليت بهم، قد عزمت على أن أفرق هذا الشيء إذا أصبحت فقلت ذاك إليك، فلما أصبح قال: جئني يا صالح بميزان، وقال: وجهوا إلي أبناء المهاجرين والأنصار. ثم قال: وجه إلى آل فلان، فلم يزل يفرقها كلها ونفضت الكيس ونحن في حالة الله تعالى بها عليم، وكتب صاحب البريد أنه قد تصدق بالدراهم من يومه حتى تصدق بالكيس، قال علي بن الجهم فقلت يا أمير المؤمنين قد علم الناس أنه قد قبل منك، وما يصنع أحمد بالمال وإنما قوته رغيف، فقال لي صدقت يا علي –وبهذه النقولات عن ابني الإمام وقد عايشا أباهما معايشة خاصة أكبر دليل على مدى صلاح الإمام أحمد وتقواه وزهده وورعه.
وأما تواضعه:
فقد قال ابن الجوزي١ بلغني عن أبي الحسين بن المنادي قال
_________
١ مناقب الإمام أحمد الصفحات: ٢٧٧، ٢٨٠، ٢٨١.
1 / 10
سمعت جدي يقول: كان أحمد من أحب الناس وأكرمهم نفسًا وأحسنهم عشرة وأدبًا، كثير الإطراق، معرضًا عن القبيح واللغو، لا يسمع منه إلا المذاكرة بالحديث، وذكر الصالحين والزهاد في وقار وسكون ولفظ حسن، وإذا لقيه إنسان بش به وأقبل عليه، وكان يتواضع للشيوخ تواضعًا شديدًا وكانوا يكرمونه ويعظمونه، قال الخلال: وأخبرني محمد بن الحسين أن أبا بكر المروذي –حدثهم قال: كان أبو عبد الله لا يجهل، وإن جهل عليه احتمل وحلم، ويقول: يكفى الله، ولم يكن بالحقود ولا العجول، ولقد وقع بين عمه وجيرانه منازعة فكانوا يجيئون إلى أبي عبد الله فلا يظهر لهم ميله مع عمه ولا يغضب لعمه، ويتلقاهم بما يعرفون من الكرامة، وكان كثير التواضع يحب الفقراء، لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلسه، مائلًا إليهم مقصرًا عن أهل الدنيا، تعلوه السكينة والوقار، إذا جلس في مجلسه بعض العصر للفتيا لا يتكلم حتى يسأل، وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدر يقعد حيث انتهى به المجلس، وكان لا يمد قدمه في المجلس ويكرم جليسه، وكان حسن الخلق، دائم البشر، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، وكان يحب في الله ويبغض في الله، وكان إذا أحب رجلًا أحب له ما يحب لنفسه، وكره له ما يكره لنفسه ولم يمنعه حبه إياه أن يأخذ على يديه ويكفه عن ظلم وإثم أو مكروه إن كان منه، وكان إذا بلغه عن شخص صلاح أو زهد أو قيام بحق أو اتباع للأمر سأل عنه وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة. وأحب أن يعرف أحواله، وكان رجلًا فطنًا. إذا كان شيء لا يرضاه اضطرب لذلك، ويغضب لله ولا يغضب لنفسه فلا ينتصر لها، فإذا كان في أمر من الدين اشتد له غضبه حتى كأنه ليس هو، لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان حسن الجوار، يؤذى فيصبر ويحتمل الأذى من الجار ... انتهى.
1 / 11
هذه أخلاق الإمام أحمد. علم وعمل وتواضع وصبر واحتمال، وجدير بمن تربى على الكتاب والسنة وتتلمذ على العلماء العاملين وخالط الصالحين أن يكون كذلك، بخلاف من يتربى على نظريات الفلاسفة وأفكار الغرب فإنه يتأثر بها ويتخلق بها، فيجب على المسلمين أن يوجهوا أولادهم إلى الكتاب والسنة وأخلاق السلف الصالح، ليتربوا التربية الصحيحة، ويتوجهوا الوجهة السليمة ويتركوا استيراد النظريات التربوية من الكفار وفلاسفة الغرب.
٥-محنته وصلابته في الحق:
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله١ باب ذكر ما جاء في محنة أبي عبد الله أحمد بن حنبل / في أيام المأمون ثم المعتصم ثم الواثق بسبب القرآن العظيم. وما أصابه من الحبس الطويل والضرب الشديد والتهديد بالقتل بسوء العذاب وأليم العقاب وقلة مبالاته بما كان منهم من ذلك إليه وصبره عليه وتمسكه بما كان عليه من الدين القويم والصراط المستقيم، وكان أحمد عالمًا بما ورد بمثل حاله من الآيات المتلوة والأخبار المأثورة. وبلغه بما أوصي به في المنام واليقظة فرضي وسلم إيمانًا واحتسابًا –وفاز بخير الدنيا ونعيم الآخرة، وهيأه الله بما آتاه من ذلك لبلوغ أعلى منازل أهل البلاء في الله من أوليائه، ثم قال ابن كثير ﵀: وقد ذكرنا فيما تقدم أن المأمون كان قد استحوذ عليه جماعة من المعتزلة فأزاغوه عن طريق الحق إلى الباطل، وزينوا له القول بخلق القرآن ونفي الصفات عن الله ﷿ قال البيهقي: ولم يكن في الخلفاء قبله من بني أمية وبني العباس خليفة إلا على مذهب
_________
١ البداية والنهاية الصفحات: ٣٧٤، ٣٧٦، ٣٧٨، ٣٧٩.
1 / 12
السلف ومنهاجهم، فلما ولي الخلافة اجتمع به هؤلاء فحملوه على ذلك، وزينوا له، واتفق خروجه إلى طرسوس لغزو الروم فكتب إلى نائبه ببغداد –إسحاق بن إبراهيم بن مصعب- يأمره أن يدعو الناس إلى القول بخلق القرآن، واتفق له ذلك آخر عمره قبل موته بشهور من سنة ثماني عشرة ومائتين، فلما وصل الكتاب كما ذكرنا استدعى جماعة من أئمة الحديث فدعاهم إلى ذلك فامتنعوا فتهددهم بالضرب وقطع الأرزاق فأجاب أكثرهم مكرهين، واستمر على الامتناع من ذلك الإمام أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح الجند يسابورى، فحملا على بعير وسيرا إلى الخليفة عن أمره بذلك. وهما مقيدان متعادلان في محمل على بعير واحد –فلما اقتربا من جيش الخليفة ونزلوا دونه بمرحلة جاء خادم وهو يمسح دموعه بطرف ثوبه ويقول: يعز علي يا أبا عبد الله أن المأمون قد سل سيفًا لم يسله قبل ذلك، وأنه يقسم بقرابته من رسول الله ﷺ لئن لم تجبه إلى القول بخلق القرآن ليقتلنك بذلك السيف، قال فجثى الإمام أحمد على ركبتيه ورمق بطرفه إلى السماء وقال سيدي غر حلمك هذا الفاجر حتى تجرأ على أوليائك بالضرب والقتل، اللهم فإن يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤنته، قال فجاءهم الصريخ بموت المأمون في الثلث الأخير من الليل، قال أحمد ففرحنا ثم جاء الخبر بأن المعتصم قد ولي الخلافة، وقد انضم إليه أحمد بن أبي دؤاد وأن الأمر شديد، فردونا إلى بغداد في سفينة مع بعض الأسرى ونالني منهم أذى كثير، وكان في رجليه القيود ومات صاحبه محمد بن نوح في الطريق وصلى عليه أحمد –فلما رجع أحمد إلى بغداد دخلها في رمضان فأودع السجن نحوًا من ثمانية وعشرين شهرًا وقيل نيفًا وثلاثين شهرًا، ثم أخرج إلى الضرب بين يدي المعتصم، وكان أحمد وهو في
1 / 13
السجن هو الذي يصلي في أهل السجن والقيود في رجليه، ولما أحضره المعتصم من السجن زاد في قيوده، قال أحمد: فلم أستطع أن أمشي بها –فربطتها في التكة وحملتها بيدي، ثم جاءوني بدابة فحملت عليها فكدت أن أسقط على وجهي من ثقل القيود. وليس معي أحد يمسكني فسلم الله حتى جئنا دار المعتصم فأدخلت في بيت وأغلق علي. وليس عندي سراج فأردت الوضوء فمددت يدي فإذا إناء فيه ماء فتوضأت منه ثم قمت ولا أعرف القبلة فلما أصبحت إذا أنا على القبلة ولله الحمد –ثم دعيت فأدخلت على المعتصم-.
وذكر ابن كثير ﵀ المناظرة التي دارت بينه وبين خصومه بحضرة المعتصم في موضوع خلق القرآن –إلى أن قال: ثم لم يزالوا يقولون له يا أمير المؤمنين إنه ضال مضل كافر، فأمر بي فقمت بين العقابين وجيء بكرسي فأقمت عليه، وأمرني بعضهم أن آخذ بيدي بأي الخشبتين فلم أفهم فتخلعت يداي وجيء بالضرابين ومعهم السياط فجعل أحدهم يضربني سوطين –ويقول له -يعني المعتصم- شد قطع الله يدك- ويجيء الآخر فيضربني سوطين ثم الآخر كذلك، فضربوني أسواطًا فأغمي علي وذهب عقلي مرارًا –فإذا سكن الضرب يعود علي عقلي –وقام المعتصم إلي يدعوني إلى قولهم فلم أجبه- وجعلوا يقولون: ويحك الخليفة على رأسك فلم أقبل. فأعادوا الضرب ثم عاد إلي فلم أجبه، فأعادوا الضرب ثم جاء الثالثة فدعاني فلم أعقل ما قال من شدة الضرب، ثم أعادوا الضرب فذهب عقلي فلم أحس بالضرب، وأرعبه ذلك من أمري وأمر بي فأطلقت ولم أشعر إلا وأنا في حجرة من بيت وقد أطلقت الأقياد من رجلي، ثم أمر الخليفة بإطلاقه إلى أهله، وكان جملة ما ضرب نيفًا وثلاثين سوطًا، وقيل ثمانين
1 / 14
سوطًا ولكن كان ضربًا مبرحًا شديدًا جدًا، ولما رجع إلى منزله جاء الجراح فقطع لحمًا ميتًا من جسده وجعل يداويه، ولما شفاه الله بالعافية بقى مدة وإبهاماه يؤذيهما البرد –وجعل كل من آذاه في حل إلا أهل البدعة، وكان يتلو في ذلك قوله تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا﴾ الآية، ويقول ماذا ينفعك أن يعذب أخوك المسلم بسببك، انتهى باختصار.
وهكذا ثبت الإمام أحمد ﵀ على الحق، وصبر على السجن والضرب ولم تأخذه في الله لومة لائم، ولم ترهبه السلطة والجبروت، فكانت العاقبة والعقوبة لأعدائه، ومع هذا يعفو ويصفح عن خصومه ويجعلهم في حل ما عدا المبتدعة –لأن المبتدعة انتهكوا محارم الله ولم تكن إساءتهم قاصرة عليه، إنه الإيمان الراسخ والتربية النافعة المستمدة من الكتاب والسنة يصنعان الرجال، ويبعثان على الثبات في مواقف الفتن والأهوال، وهكذا تكون مواقف الأبطال.
٦-مميزات مذهبه والأصول التي بناه عليها:
مذاهب أهل السنة كلها مذاهب حق لا سيما مذاهب الأئمة الأربعة –أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وكل مذهب من هذه المذاهب السنية له مميزات، ويمتاز مذهب الإمام أحمد من بينها بقربه من النصوص١ وفتاوي الصحابة.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله٢: رويت فتاويه ومسائله وحدث بها قرنًا بعد قرن، فصارت إمامًا وقدوة لأهل السنة على اختلاف
_________
١ ولهذا يعتبر الإمام أحمد من فقهاء المحدثين.
٢ أعلام الموقعين ١/٢٨-٢٩.
1 / 15
طبقاتهم حتى إن المخالفين لمذهبه بالاجتهاد والمقلدين لغيره يعظمون نصوصه وفتاواه ويعرفون لها حقها وقربها من النصوص وفتاوي الصحابة، ومن تأمل فتاواه وفتاوي الصحابة رأى مطابقة كل منهما على الأخرى، ورأى الجميع كأنها تخرج من مشكاة واحدة، حتى إن الصحابة إذا اختلفوا على قولين جاء عنه في المسألة روايتان، وكان تحريه لفتاوي الصحابة كتحري أصحابه لفتاويه ونصوصه بل أعظم، حتى إنه ليقدم فتاويهم على الحديث المرسل.
أصول مذهبه:
كان مذهبه مبنيًا على خمسة أصول وهي:
١- النصوص، فإذا وجد نصًا أفتى بموجبه ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا من خالفه.
٢- ما أفتى به الصحابة –فإذا وجد لأحدهم فتوى لا يعرف له مخالف منهم فيها لم يعدها إلى غيرها، ولم يقل إن ذلك إجماع- بل من ورعه في العبارة يقول: لا أعلم شيئًا يدفعه أو نحو هذا.
٣- إذا اختلف الصحابة في المسألة تخير من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة ولم يخرج عن أقوالهم، فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال للدليل حكى الخلاف ولم يجزم بقول.
٤- الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه ويرجح ذلك على القياس، والمراد بالحديث الضعيف عند قسيم الصحيح، وقسم من أقسام الحسن، وليس المراد بالضعيف عنده الباطل والمنكر ولا ما في روايته متهم.
٥- فإذا لم يكن هناك نص ولا قول للصحابة أو أحدهم ولا أثر مرسل أو ضعيف عدل إلى القياس فاستعمله للضرورة.
1 / 16
فهذه الأصول الخمسة هي أصول مذهبه –وقد يتوقف في الفتوى لتعارض الأدلة عنده، أو لاختلاف الصحابة فيها، أو لعدم اطلاعه فيها على أثر أو قول أحد من الصحابة والتابعين، وكان شديد الكراهة والمنع للإفتاء بمسألة ليس فيها أثر عن السلف-كما قال لبعض أصحابه: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام١. أي لم يسبق أن قال فيها أحد من الأئمة بشيء.
٧-مؤلفاته:
قال الإمام ابن القيم٢: كان الإمام أحمد ﵀ شديد الكراهة لتصنيف الكتب، وكان يحب تجريد الحديث، ويكره أن يكتب كلامه ويشتد عليه جدًا، فعلم الله حسن نيته وقصده فكتب من كلامه وفتواه أكثر من ثلاثين سفرًا، ومنّ الله سبحانه علينا بأكثرها فلم يفتنا منها إلا القليل، وجمع الخلال نصوصه في الجامع الكبير فبلغ نحو عشرين سفرًا أو أكثر، ورويت فتاويه ومسائله وحدث بها قرنًا بعد قرن، فصارت إمامًا وقدوة لأهل السنة على اختلاف طبقاتهم، وقال ابن الجوزي: كان الإمام أحمد ﵁ لا يرى وضع الكتب، وينهى أن يكتب عنه كلامه ومسائله ولو رأى ذلك لكانت تصانيفه كثيرة، ولنقلت عنه كتب٣ واقتصر الإمام أحمد على التصنيف في النقول –أي الأحاديث والآثار وهذه بعض مؤلفاته:
١) المسند في الحديث، وكان يقول لابنه عبد الله: احتفظ بهذا المسند فإنه سيكون للناس إمامًا٤.
_________
١ أعلام الموقعين لابن القيم ١/٢٩/٣٢.
٢ نفس المصدر ١/٢٨.
٣ مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ٢٤٨.
٤ وجملة أحاديث المسند ثلاثون ألف حديث انتقاها من سبعمائة ألف حديث.
1 / 17
٢) التفسير –وهو مائة ألف وعشرون ألفًا- يعني من الأحاديث والآثار.
٣) الناسخ والمنسوخ.
٤) التاريخ.
٥) المقدم والمؤخر في القرآن.
٦) جوابات القرآن.
٧) المناسك الكبير والصغير.
٨) الزهد.
٩) الرد على الجهمية.
٨- وفاته:
مرض في أول شهر ربيع الأول من سنة أحدى وأربعين ومائتين، وتوفي ليلة الجمعة وهي ليلة الثاني عشر من هذا الشهر، ولم حضرته الوفاة أشار إلى أهله أن يوضؤه فجعلوا يوضؤنه وهو يشير إليهم أن خللوا أصابعي وهو يذكر الله ﷿ في جميع ذلك، فلما أكملوا وضوءه توفي ﵀ ورضي عنه، فغسلوه وكفنوه بثوب كان قد غزلته جاريته، وخرج الناس بنعشه والخلائق حوله ما لم يعلم عددهم إلا الله، ثم صلي عليه وأعيدت الصلاة عليه عند القبر. ثم أعيدت الصلاة أيضًا على القبر بعد دفنه، ولم يستقر في قبره ﵀ إلا بعد العصر وذلك لكثرة الخلق الذين حضروا. وقد قدر عدد الذين صلوا عليه وشيعوه إلى قبره بألف ألف، وفي رواية وسبعمائة ألف –أي مليون وسبعمائة ألف –رحم الله الإمام أحمد رحمة واسعة وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرًا، وجعله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
1 / 18
شيخ الاسلام أحمد بن تيمية
...
-شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية
نبذة عن حياته وجهاده وثمرات دعوته والرد على الشبهات التي أثيرت حوله
1 / 19
أولًا: التعريف بشيخ الإسلام ابن تيمية:
هو شيخ الإسلام الحافظ المجتهد تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله ابن أبي القاسم بن الخضر بن محمد بن تيمية الحراني الحنبلي.
ولد بحران يوم الإثنين عاشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة، وقدم به والده وبأخويه عند استيلاء التتار على البلاد إلى دمشق سنة ٦٦٧هـ.
مشائخه وتحصيله:
أخذ الفقه والأصول عن والده وسمع عن خلق كثير منهم الشيخ شمس الدين والشيخ زين الدين ابن المنجا والمجد بن عساكر، وقرأ العربية على ابن عبد القوي، ثم أخذ كتاب سيبويه فتأمله وفهمه، وعني بالحديث وسمع الكتب الستة والمسند مرات، وأقبل على تفسير القرآن الكريم فبرز فيه، وأحكم أصول الفقه والفرائض والحساب والجبر والمقابلة، وغير ذلك من العلوم، ونظر في الكلام والفلسفة وبرز في ذلك ورد على أكابر المتكلمين والفلاسفة، وتأهل للفتوى والتدريس وله دون العشرين من السنين، وتضلع في علم الحديث وحفظه، وكان سريع الحفظ قوي الإدراك آية في الذكاء رأسًا في معرفة الكتاب والسنة والاختلاف بحر في النقليات، وكان له باع طويل في معرفة مذاهب الصحابة والتابعين.
اشتغاله في التدريس:
كان والده من كبار أئمة الحنابلة فلما مات خلفه في وظائفه وكان عمره تسع عشرة سنة، فاشتهر أمره وبعد صيته في العالم، وأخذ في
1 / 21
تفسير القرآن الكريم أيام الجمع من حفظه –قال عنه الحافظ أبو حفص عمر بن علي البزار وكان من معاصريه١: لقد كان إذا قريء في مجلسه آيات من القرآن العظيم شرع في تفسيرها فينقضي المجلس بجملته والدرس بزمنه وهو في تفسير بعض آية منها، وقد منحه الله تعالى معرفة اختلاف العلماء ونصوصهم وكثرة أقوالهم واجتهادهم في المسائل، وما روي عن كل واحد منهم من راجح ومرجوح ومقبول ومردود، حتى كان إذا سئل عن شيء من ذلك كأن جميع المنقول عن الرسول ﷺ وأصحابه والعلماء فيه من الأولين والآخرين متصور مسطور بإزائه، وهذا قد اتفق عليه كل من رآه أو وقف على شيء من علمه ممن لم يغلظ عقله الجهل والهوى ... انتهى.
وقال أيضًا: وأما ذكر دروسه فقد كنت في حال إقامتي بدمشق لا أفوتها، وكان لا يهيئ شيئًا من العلم ليلقيه ويورده، بل يجلس بعد أن يصلي ركعتين فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على رسوله ﷺ على صفة مستحسنة مستعذبة لم أسمعها من غيره، ثم يشرع فيفتح الله عليه إيراد علوم وغوامض ولطائف ودقائق وفنون ونقول واستدلالات بآيات وأحاديث وأقوال العلماء، ونقد بعضها وتبيين صحته أو تزييف بعضها وبإيضاح حجته واستشهاد بأشعار العرب وربما ذكر ناظمها، وهو مع ذلك يجري كما السيل ويفيض كما يفيض البحر، من غير تعجرف ولا توقف ولا لحن، بل فيض إلهي حتى يبهر كل سامع وناظر، فلا يزال كذلك إلى أن يصمت، ويقع عليه إذ ذاك من المهابة ما يرعد
_________
١ الأعلام العلية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية ص ٢٣، ٢٥، ٢٨، ٣٠.
1 / 22
القلوب ويحير الأبصار والعقول –وكان لا يذكر رسول الله ﷺ قط إلا ويصلي ويسلم عليه، ولا والله ما رأيت أحدًا أشد تعظيمًا لرسول الله ﷺ ولا أحرص على اتباعه ونصر ما جاء به منه، حتى إذا كان أورد شيئًا من حديثه في مسألة ويرى أنه لم ينسخه شيء غيره من حديثه يعمل به، ويقضي ويفتي بمقتضاه، ولا يلتفت إلى قول غيره من المخلوقين كائنًا من كان، وقال ﵁: كل قائل إنما يحتج لقوله لا به إلا رسول الله، وكان إذا فرغ من درسه يقبل على الناس بوجه طلق بشيش وخلق دمث كأنه لقيهم حينئذ، وربما اعتذر إلى بعضهم من التقصير في المقال مع ذلك الحال، ولقد كان درسه الذي يورده حينئذ قدر عدة كراريس. وهذا الذي ذكرته من أحوال درسه أمر مشهور يوافقني عليه كل حاضريه وهم بحمد الله خلق كثير لم يحصر عددهم علماء ورؤساء وفضلاء من القراء والمحدثين والفقهاء والأدباء وغيرهم من عوام المسلمين ... انتهى كلام البزار في كتابه الأعلام العلية.
مؤلفاته:
لشيخ الإسلام ابن تيمية مؤلفات قيمة ضخمة ورسائل وفتاوى بلغ الموجود منها مجلدات ضخمة وعديدة، طبع منها الآن حسب علمي ما يقارب أربعة وثمانين مجلدًا، وهي:
١) مجموع الفتاوى خمسة وثلاثون مجلدًا، وقد طبع عدة مرات ووزع في كثير من الأقطار الإسلامية، وانتفع به المسلمون لما يحتويه من علم غزير في العقائد والفقه والتفسير والحديث والأصول.
٢) موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، وقد طبع في عشر مجلدات.
1 / 23