والدوام وعدمه، وبالكثرة والقلة، ولا بد له من عيار يغرف به مقدار النافع منه، فإن لم يحفظ عياره زاد الفساد، فكذلك النقيض، الذي يعالج به الأخلاق لا بد له من عيار. وكما أن عيار الدواء مأخوذ من عيار العلة، حتى أن الطبيب لا يعالج ما لم يعرف أن العلة من حرارة أو برودة، وإن كانت الحرارة، فما درجتها، أهي ضعيفة أو قوية، فإذا عرف التفت معه إلى أحوال البدن، وأحوال الزمان والصناعة التي المريض بصددها وعالج بحسبها، فكذلك الشيخ المتبوع، الذي يطلب نفوس المريدين والمسترشدين، ينبغي أن لا يهجم عليهم بالرياضة والتكاليف في فن مخصوص، ما لم يعرف أخلاقهم. فإذا عرف ما هو الغالب على المريد من الخلق السيء، وعرف مقداره، ولاحظ حاله وسنه، وما يحتمله من المعالجة، عيّن له الطريق. ولذلك ترى الشيخ يشير على بعض المريدين أن يخرج إلى السوق للكدية وذلك أن توسم فيه نوع رياسة وتكبر، فيعالجه بما يراه ذلًا، وهو نقيض خلقه، حتى ينكسر به تكبره، ويشير على بعضهم بتعهد بيت الماء، واعداد نبل
1 / 260