إذ به ينكشف التلبيس عن الحق. ولكن القدر الذي ينبغي أن يفزع إليه عند التحير أن يعلم أن العقل في أكثر الأمر يشير بالأصلح للعواقب، وإن كان فيه كلفة ومشقة في الحال، والهوى يشير بالاستراحة وترك التكلف. فمهما عرض لك أمر، ولم تدر أيهما أصوب، فعليك بما تكرهه لا بما تهواه. فأكثر الخلق في الكراهة. قال ﵇: " حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات ". وقال تعالى: (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلُ اللهُ فيه خَيرًا كثيرًا) . وقال تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرّ لَكُم) . فكلما يشير عليك بالدعة والرفاهية، وحظر الكلف وإيثار الراحة في الحال، فاتهم فيه نفسك، فإن حبك الشيء يعمي ويصم. وبالجملة فما يشير إليه العقل بقوته أفزع إلى العبادة والاستخارة فيه حتى ينشرح الصدر ويعضده الاستشارة، إذا استشير فيه أهله.
1 / 243