(أفرأيتَ مَنِ اتّخَذَ إلَههُ وأَضَلهُ اللهُ عَلَى عِلمٍ) . وقال: (واتّبعَ هَواهُ فَمثَلهُ كَمَثَلِ الكلْبِ) . وقال ﵇: " أعدى عدوك نفسك، التي بين جنبيك ". وقال تعالى لمن قهر هواه: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهى النّفْسِ عن الهوى، فإنّ الجنّةَ هيَ المأْوَى) . وليس الأمر كما ظنه فريق من لزوم قمع الغضب وإماطته بالكلية، وقلع الشهوة وإماطتها بالكلية، بل الواجب ضبطها وتأديبها، فإن العقل لا يقدر على التأديب دون الحمية الغضبية، إذ ليس له إلا الإشارة بالصواب وهو أشرف القوى. وبه صار الإنسان خليفة الله في أرضه، ولكنه كطبيب مشير إلى ما فيه البرّ، فإن لم يستعن بالغضب والحمية التي ترهق الشهوة إلى الطاعة وتنتهض خادمة للعقل في الزجر والكسر لم تفد إشارته. ولذلك لا يتبيّن فضيلة العقل لمن لا حمية له، ولكن ينبغي أن يتأدب بحيث لا ينبعث إلا بإشارة العقل. وكذلك الشهوة
1 / 237