ومهما أصلحت القوى الثلاث وضبطت على الوجه الذي ينبغي، وإلى الحد الذي ينبغي وجعلت القوتان منقادتين للثالثة، التي هي الفكرية العقلية، فقد حصلت العدالة. وبمثل هذا العدل قامت السموات والأرض، وهي جماع مكارم الشريعة، وطهارة النفس وحسن الخلق المحمود، بقوله ﵇: " أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنهم أخلاقًا وألطفهم بأهله ". وقوله ﵇: " أحببكم إلي أحسنكم أخلاقًا، الموطؤون أكنافًا، الذين يألفون ويؤلفون ". وثناء الشرع على الخلق الحسن خارج عن الحصر ومعناه إصلاح هذه القوى الثلاث. وقد جمعه الله سبحانه في قوله: (إنّما المؤمنونَ الذينَ آمنُوا باللهِ وَرَسُولِهِ ثُمّ لم يَرْتَابُوا، وَجَاهَدُوا بَأموالِهِمْ وَأنْفُسِهِمْ في سَبيلِ الله أولئكَ هُمُ الصادقون)، فدّل الإيمان بالله ورسوله، مع نفي الارتياب، وعلى العلم اليقين والحكمة الحقيقة التي لا يتصور حصولها، إلا بإصلاح قوة الفكر، ودلّ بالمجاهدة بالأموال على العفّة والجود، اللذين هما تابعان بالضرورة لإصلاح الشهوة،
1 / 234