فيميزه ويعرف منافعه ومضاره، ويسلمه لخادمه إلى وقت الحاجة، فحينئذ يتقدم بإخراجه، وكما أن الأعمال التي يتولاّها الملك بنفسه أشرف مما يستعمل فيه غيره، فكذلك ما تتولاه النفس التي هي الملك بالحقيقة، بواسطة المفكرة، من الروية والاعتبار والقياس والفراسة واستنباط المجهول، أشرف مما تستعمل فيه الخدم. وهذا المثال قريب مما روي أن حبر الأمة قال: " دخلت على عائشة، فقالت: الإنسان عيناه مهاد، وأذناه قمع، ولسانه ترجمان، ويداه جناحان، ورجلاه بريدان، والقلب ملك. فإذا طاب طاب جنوده ". فقالت: " هكذا سمعت رسول الله ﷺ يقول ".
فهذه جمل من أحوال النفس تلوناها عليك على سبيل الاقتصار، وإنها بعض عجائب النفس. ولو نظرت في تشريح الأعضاء، وفحصت عن عدد العروق والأعصاب والعضل والعظام والشرايين والأوردة،
1 / 214