فلا يعرف عاقل ما انفتح لأولياء الله وأنبيائه من مزايا لطفه ورحمته، (مَا يَفْتَحُ اللهُ لِلنّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا) . فهذه الرحمة مبذولة بحكم الجود الإلهي غير مضنون بها على أحد. ولكن لا بد من الاستعداد للقبول بتزكية النفس وتطهيرها عن الخبث والكدورة. وكما أن الصورة المتلونة ليس فيها منع من أن تنطبع في الحديد الخبيث، إلا الحجاب من جهة الحديد في صدأه وخبثه، وافتقادره إلى صيقل يجلوه ويزيل خبثه ويجليه، فهكذا ينبغي أن تعتقد أن الحجاب من جانبك لا من جانب الرحمة الإلهية. ولذلك قال ﵇: " إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها ". ولذلك عبّر عن غاية الجود والبذل من ذلك الجانب، بأدل العبارات على الشوق والرغبة، فقال: " يُنزِّلُ الله كلّ ليلةٍ إلى سماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: هل من داع فأستجيب له، هل من مسترحم فأرحمه ". وقال:
1 / 208