77

Mixing between Men and Women

الاختلاط بين الرجال والنساء

ناشر

دار اليسر

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

اصناف

هل فرَّقَ النبي ﵌ بين الاختلاط العارض واختلاط المكث؟ (١)
حين نتدبر صور الاختلاط في عهد النبوة التي من جنس واحد يتبين لنا فعلًا كيف ميّز النبي ﵌ في أحكامها طبقًا لعامل الزمن، أو بشكل أدق طبقًا لقوة الإفضاء إلى الفتنة، قارن مثلًا بين (الصلاة والطواف) ففي الطواف لأنه يأخذ زمنًا يسيرًا عابرًا رخص لهم النبي ﵌ في الطواف في وقت واحد مع كون النساء حَجْرَة، أو من وراء الرجال، أو متنكرات في الليل فإذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن وأخرج الرجال.
ففي صحيح البخاري أن ابن جريج قال لعطاء: «كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ؟»، قال: «لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ، كَانَتْ عَائِشَةُ ﵂ تَطُوفُ حَجْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: «انْطَلِقِي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ».قَالَتْ «انْطَلِقِي عَنْكِ»، وَأَبَتْ» (٢).
وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂ قَالَتْ: «شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﵌ أَنِّي أَشْتَكِي (٣)، فَقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ» فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللهِ ﵌ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَقْرَأُ بِـ ﴿وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢)﴾ (الطور: ١ - ٢). (رواه البخاري ومسلم).
ولكن في (الصلاة) - لأنها تأخذ زمنًا دوريًا متكررًا، وليست أمرًا عابرًا - فإن النبي ﵌ لم يرخص لهم في الاختلاط، بل وضع للرجال مصلى، وللنساء مصلى مستقل عنهم، وكان ينتظر هو وأصحابه حتى ينصرف النساء؛ فعن الزُّهْرِيُّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ ﵂ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﵌ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي

(١) انظر: أقيسة الاختلاطيين لإبراهيم السكران (ص ٩ - ١٣).
(٢) (حَجْرَة) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْجِيم بَعْدهَا رَاءٍ، أَيْ نَاحِيَة، قَالَ الْقَزَّاز: هُوَ مَأْخُوذ مِنْ قَوْلهمْ: نَزَلَ فُلَان حَجْرَة مِنْ النَّاس أَيْ مُعْتَزِلًا. (اِنْطَلِقِي عَنْك) أَيْ عَنْ جِهَةِ نَفْسك (فتح الباري ٣/ ٤٨٠).
(٣) (أَنِّي أَشْتَكِي) أَيْ أَنَّهَا كَانَتْ ضَعِيفَة لَا تَقْدِر عَلَى الطَّوَاف مَاشِيَة.

1 / 80