مصر: نسيج الناس والمكان والزمان

محمد رياض d. 1450 AH
133

مصر: نسيج الناس والمكان والزمان

مصر: نسيج الناس والمكان والزمان

اصناف

وفي أحيان كانت هناك أزمات إغراق نتيجة فيضانات عاتية وأمطار غزيرة سجلها التاريخ في حضارات بلاد ما بين النهرين - العراق الحالية، وورد ذكرها في العهد القديم والقرآن الكريم عن الطوفان العظيم في عهد نوح عليه السلام. وبالمثل كانت هناك سنوات جفاف عن المتوسط المعتاد مما يؤدي إلى هجرات الجماعات، كما ورد ذلك في آيات قرآنية عن السنوات السمان والعجاف في مصر في قصة سيدنا يوسف، وكذلك في نقش على «حجر المجاعة

Famine Stela » يبين حزن الملك زوسر - صاحب الهرم المدرج بسقارة في نحو 2800ق.م - لمعاناة الناس من المجاعة التي دامت بضع سنوات.

ولا شك أن مناخ الشرق الأوسط قد تغير تدريجيا خلال العصور التاريخية إلى الجفاف مما دعا الناس إلى التزاحم حول الأنهار الكبرى والصغرى: النيل، الفرات ، العاصي، الأردن، وعشرات الأنهار الصغيرة التي تجري مياهها موسميا وتنتهي إلى البحر المتوسط، ومنها ومن الأمطار تروى الزراعات المعتادة في السهل الساحلي لشرق المتوسط في سوريا ولبنان وفلسطين الحالية. ومع تكثيف الزراعة والتجارة المحلية والإقليمية والدولية - آنذاك - زادت الوفرة ومعها زادت أعداد السكان وزاد الطلب على الماء، وزادت الهجرات الجماعية في صورة أشبه بالغزوات، ومن ثم ظهرت المشكلات السياسية والحروب المستمرة.

ومن يعرف التاريخ المصري القديم لا يجد ملكا مصريا لم يذكر في سجل تاريخه المكتوب حرب بين جيش مصر والبدو الغربيين والشرقيين وزنوج الجنوب، الذين يزحفون كجماعات سياسية لاحتلال مصر - الهكسوس - أو جزء من الدلتا بوجه خاص - الطحنو والتمحو من بربر الغرب ومجموعات عديدة من بدو آسيا الغربية وهجرات شعوب البحر القادمة من بلاد الإغريق إلى سواحل مصر وبرقة.

2

ولضيق طريق الجنوب وتحدده بمسار النيل فقد كان للفراعنة منذ القدم أمراء محاربون وتجاريون في أسوان، وحصون وأسواق إلى الجنوب منها وبخاصة سمنه وقمة في شمال السودان الحالي جنوب مدينة وادي حلفا بقليل.

3 (1-1) المياه والأمن للجميع أم للقوة؟

في الوقت الحاضر زاد أمر المياه سوءا بوجود إسرائيل واحتياجها إلى ماء نهر الأردن على حساب سوريا والأردن، وعلى حساب المياه الجوفية في دولة فلسطين المستقبلية. وتستخدم إسرائيل معامل قوتها المحلية - العسكرية وتفوق السلاح - والدولية - الدفاع المتشدد عن إسرائيل في كل المحافل الدولية الأمنية والسياسية والثقافية،

4

لفرض تسويات حساباتها الأساسية المبنية على ضمان أكبر قدر من المياه تستطيع الحصول عليه بعد إعادة الوضع السياسي قريبا مما كان عليه قبل حرب 1967. والتسويف والمماطلة في الموافقة على إعلان دولة فلسطين هو - من بين أشياء أخرى - في مقابل الاعتراف «بحقوق» إسرائيلية في مياه الضفة وغزة. فالمياه الجوفية هي أكثر أهمية للمستوطنات التي أنشئت في الأرض العربية. بطبيعة الحال ليست المياه بمسماها الصريح هي كل شيء في السياسة الإسرائيلية، لكنها دائما هي ركن أساسي فيما تعلنه دائما عن مقتضيات أمن إسرائيل. فالمستوطنات في حاجة للماء، وإلى طرق آمنة تربطها بإسرائيل، وإلى سكان يتعايشون في تنظيم شبه عسكري في نقاط عديدة على طول غور الأردن وداخل هضاب الضفة، وهو ما يقطع أوصال السيادة الفلسطينية على مجمل أراضيها. فهل المياه حق للناس داخل سيادة دولتهم أم هي رهن الدولة الأقوى القادرة على فرض الشروط؟ وكيف تكون دولة فلسطين بهذا الوضع مخترق السيادة؟

نامعلوم صفحہ