مصر: نسيج الناس والمكان والزمان

محمد رياض d. 1450 AH
130

مصر: نسيج الناس والمكان والزمان

مصر: نسيج الناس والمكان والزمان

اصناف

الأسترالي ... إلخ. وتحتوي هذه الكتب الإرشادية على كل ما يحتاجه المسافر من تراخيص وما يدفعه من جمارك، والفنادق مرتبة على درجاتها وسعر الليلة وأجور التاكسيات وأنواع المواصلات العامة، وأين يأكل ونوع قائمة الطعام وأين يسهر وتحذيرات متعددة، وعن السواحل وفنادقها ورياضات البحر، وشيء عن جغرافية الدولة وحكومتها وكثير من الدراسة للآثار القديمة وماذا يجب أن يلتفت إليه، وكثير من تاريخ المدن وبخاصة القاهرة وعمارتها الإسلامية والقبطية ومتاحفها مع وصف تفصيلي للمعروضات في تلك الأماكن، الخلاصة كل شيء عما يجب أن يعرفه لكي يدخل إلى تلك الأماكن منفردا أو مع مرشد سياحي. كل هذه المعلومات مبسطة ومزودة بصور وخرائط تفصيلية للمدن والمناطق الأثرية بمقاييس متعددة. مثل هذه الكتب منشورة بالألمانية والفرنسية والإنجليزية والإيطالية والإسبانية ... إلخ. وبعضها يصدر سنويا والآخر كل بضع سنوات وهي دائمة التجديد في المعلومات والإخراج.

نعم لدينا كتب بالعربية لكنها موجهة للمتخصصين في الآثار الفرعونية والإسلامية، ولدينا كتب بحثية نشرتها مجالس خاصة كالمجلس الأعلى للآثار أو الثقافة عن سيناء أو الصحراء الغربية في صورة موسوعات جيدة، لكنها أيضا متخصصة ومعلوماتها قديمة غير متجددة. ولدينا بعض مجلات مثل «القاهرة اليوم» تصدر بالإنجليزية ولا تشفي الغليل العام.

المطلوب كتب موجهة للعامة غير المتخصصة عن مصر: جغرافيتها وتاريخها وآثارها وسواحلها الشتوية والصيفية وأنواع الفنادق والمطاعم والرحلات الداخلية في المنطقة كرحلة إلى سيوة من مطروح، أو رحلة إلى معابد دندره وإدفو وأبيدوس من الأقصر، أو رحلة إلى أبو سمبل ومشروع توشكى والواحات الصغيرة حول أسوان، أو رحلة سانت كترين من نويبع أو دهب أو شرم الشيخ، ورحلة من أسيوط أو الفيوم إلى الواحات الخارجة والبحرية وما يليهما من واحات، ناهيك عن رحلات حول القاهرة إلى القناة أو وادي النطرون، ومن الإسكندرية إلى رشيد ومزارع جناكليس على سبيل المثال ... إلخ. ويجب أن يتضمن الكتاب متوسط أسعار الإقامة في مناطق الزيارات الرئيسية، ويعدد رحلات السفاري بالجمال، أو سيارات الدفع الرباعي عبر الصحراء الشرقية من الغردقة أو مرسى علم أو برنيس إلى أسوان، وبحيرة ناصر ومزار الشيخ الشاذلي ومناجم الذهب والنحاس الفرعونية ومحاجر أنواع من الجرانيت أو السماقي الإمبراطوري «بروفير» في جبال غربي الغردقة. ورحلات سفاري أخرى من الخارجة على طول درب الأربعين التاريخي وإلى أبو سمبل، أو من الداخلة إلى هضبة الجلف الكبير والأودية الجافة العديدة والمظاهر الطبوغرافية التي يشبهها العلماء بأنها أقرب ما تكون إلى مظاهر سطح المريخ! أو رحلات من واحة الفرافرة وسيوة إلى أطراف بحر الرمال العظيم ... إلخ. ورحلات البحر الشاطئية، وإجراء سباقات لليخوت والشراع من الإسكندرية إلى مطروح أو السلوم أو العريش، ومن الغردقة إلى شرم الشيخ أو مجموعة جزر جوبال وشدوان - شاكر - والجفتون أو إلى مرسى علم وحلايب وجزيرة الزبرجد أو جزيرة وادي الجمال. مناطق السياحة وأشكال الحركة إليها لا تعد ولا تحصى إذا تنبه لها أي مستثمر كبير أو صغير فهو قادر على تركيز الحركة إلى مكان يحدثه ويضيف له مراقد الراحة في مخيم أو عشش بيئية أو مطاعم ومشارب ذات مزاج وطعم خاص مع سهرات ليلية فولكلورية - يستطيع أن يقيم ذلك أو أحسن في أي مكان من مصر في الواحات وعلى شواطئ البحر الأحمر والمتوسط، وفي سيناء الجبال، وفي الأقصر غرب، وأسوان شرق وغرب، وفي بورسعيد والسويس، وفي رأس البر أو مصب فرع رشيد، وفي العريش ومرسى مطروح ومئات الأماكن الأخرى - الشيء المهم أن يمتلك موهبة خيال يمكن إيجاده على أرض الواقع.

النمسا تبيع جبالها وبحيراتها، وإيطاليا تبيع سواحلها وبحارها صيفا، وتونس تبيع جزيرة جربا ونحن نبيع البحر الأحمر شتاء، ولكن شتان بين عشرات الملايين من السياحة الداخلية والخارجية في أوروبا وبين أعداد السياح الأجانب والمصريين في مصر. نحن حقا في حاجة إلى كتب متعددة غير متخصصة موضحة بالخرائط والصور من أجل السياحة العربية والسياحة المصرية معا. قد نبدأ بكتاب ليس بالضرورة من منشورات الحكومة كالهيئة العامة للكتاب، بل يستحسن أن تتبنى إحدى دور النشر الصحفية وغير الصحفية استكتاب المؤلفين والخبراء على أن تنشر إصدارات أخرى لنفس الكتاب مرة كل سنتين لإضافة الجديد من معالم سياحية وطرق ووسائل انتقال جديدة وغير ذلك من الأمور. ومثل هذا الكتاب لا يصادر على نشر كتب أخرى في ذات المجال وسيظل الحكم للجمهور أيضا يفضل ويختار. وبالمثل يمكن نشر كتب عن أحياء مختارة من القاهرة والإسكندرية ذات طابع متميز في العمران والترفيه والسياحة، مثل حارات الدرب الأحمر والجمالية وتاريخ وقصص ناسها القدامى ونوادرهم.

إن معلومات عامة الناس عن التاريخ المصري الطويل ضعيفة وغير صحيحة سواء عن العصور الفرعونية أو الهلينية والرومانية والفاطمية والمملوكية والعثمانية، بل هناك خلط في تسلسل أسرة محمد علي رغم قربها الزمني منا! إنه حقا شيء مؤسف أن نكون أطول أمة في تاريخ متصل الحلقات مدون على الحجر والبردي والورق، ومع ذلك فمعرفة أبناء مصر بها معرفة ضئيلة وضبابية!

والموضوع الثاني: نقص الخرائط السياحية

هو النقص الذي لا مزيد عليه من خرائط مصر وخرائط المدن المصرية. لقد كانت مصلحة المساحة المصرية تصدر خرائط كثيرة عن مصر وعن القاهرة بمقاييس رسم كبيرة وصغيرة. وتبعها في ذلك المساحة العسكرية. ولكن أحدا منها لم يواكب احتياجات الناس إلى خرائط مطوية تفصيلية تكون في متناول يد الناس يتداولونها حينما يسافرون بدلا من اللوحات التي تطبع عليها هذه الخرائط ولا تصلح إلا للقراءة على المكاتب. وفي بعض البلاد كالنمسا وألمانيا التي أعرفها جيدا مثل هذه الخرائط المطوية مصحوبة بدليل أو كشاف لأسماء الشوارع والحارات وخطوط الأوتوبيس والترام والمترو وأرقامها وعلامات على وجود محطاتها، بحيث يتعرف الإنسان على موقع الشارع المقصود ورقم المواصلة التي يركبها. بل إن بعض هذه الخرائط تكتب بعض أرقام البيوت لكي يعرف الفرد أين ينزل في شارع طويل: في وسطه أو آخره أم أوله! وكثير من أفراد الشرطة يحملون معهم، مثل هذا الكشاف لأسماء شوارع المدينة التي يخدمون فيها ليدل التائه إلى مقصده إذا سئل. قد نحتج أن بعض الشرطة لا يقرءون. وهذا صحيح ولكن لماذا يصبحون جنود شرطة؟

وعلى أية حال فبرغم أنني أطلب ذلك فإنني أعتقد صعوبة تحقيقه في مدينة كبيرة كالقاهرة التي تفتقر حتى الآن إلى دليل تلفونات محدث سنويا! فيا للأسف رغم أن هيئة التلفونات ليست فقيرة، وتتقاضى أموالها من المشتركين أربع مرات في السنة. وفي بلاد العالم الأخرى تدفع التلفونات مرة في السنة وبواسطة تجهيزات كومبيوتر تغني الناس عن طوابير المرات الأربعة في مصر. أسوق التلفون كأحد رموز الخدمة السياحية فإذا كان على السائح أن يبحث عن رقم معين، فكيف يفعل مع عدم وجود دليل سنوي يغنيه شر سؤال الاستعلامات التي تقع تحت ضغوط هائلة بعد أن يسمع مرات عديدة طلب الرسالة المسجلة أن يعيد الاتصال مرة أخرى لأن جميع الخطوط مشغولة! لن أتجاسر على الأمل أن تكون هناك تجهيزات كمبيوترية للشوارع والفنادق والمواصلات والأجور ... إلخ، في بعض المدن متاحة للجميع!

إذا أردنا الحياة على مستوى يزداد تحسنا فإن علينا أن نعرف أن علاقات الحياة والأنشطة الاقتصادية متداخلة متفاعلة، فإذا تكلمنا اليوم عن السياحة فهي ليست جزيرة منعزلة عن غيرها بل إن العناصر والمواضيع تجر بعضها بعضا، وإن تحسين السياحة جزء من تحسين الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية السياسية في مصر وأي بلد في العالم. (3) السفاري ريادة الصحاري والجبال

ليست السياحة قاصرة على الوجه الحسن وفنادق النجوم العديدة في شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم ومطروح والعلمين والواحات والقاهرة الكبرى الفرعونية والإسلامية والقبطية ... إلخ، بل هناك سياحة أخرى لأعداد من الأجانب تستهويهم المغامرة والخشونة كما يستهويهم الجلوس إلى مشرب الشاي البلدي وتدخين الشيشة وسماع ضجيج الناس وإلحاح الباعة وإصرار الشحاذة. تلك هي ارتياد الصحاري فيما يطلق عليه «سفاري» وهي كلمة مأخوذة من «السفر» و«الأسفار» العربية وإن اختلف محتواها. فالمسافر في طريقه إلى مكان أو شيء ما، بينما الذي يقوم برحلة «سفاري» هو غالبا في طريقه إلى جو وحشي غريب عنه يركب جملا أو حمارا أو عربة ذات دفع رباعي ويتفقد الأشياء ماشيا على قدميه أو صاعدا تلا أو كثيبا، ويبيت في العراء داخل «شنطة نوم

نامعلوم صفحہ