ويوجد بجانب الهرم الثاني تمثال أبي الهول، وهو تمثال ضخم له جسم أسد ورأس إنسان، ونحن لا نستطيع أن نجزم بمعرفة ناحته، ولا السر في تصويره على هذا الشكل، وهو رابض في مكانه منذ أجيال عديدة، كأنه يحرس قبور الفراعنة!
ويقدر ارتفاعه بسبعين قدما، وطوله بمائتي قدم.
وهو أغرب تمثال نحتته يد الإنسان.
وبعد مرور أعوام عدة، تعب الملوك من تشييد الأهرامات، وتغيرت عاداتهم؛ فبدلا من أن يرفعوا القبور إلى هذا الارتفاع العظيم، حفروها في الأرض لحفظ رفاتهم. وعلى ضفاف النيل الغربية عند طيبة توجد هذه المقابر، وهي لتعددها تظهر في التلال مثل خلايا النحل. ووجدت هذه القبور مزينة بالصور ومنقوشة بالهيروغليفية، وتمثل صورها حياة الملك في مظاهرها المختلفة.
ففي صورة تراه جالسا وبجانبه زوجته، ومن حولهما الخدم وهم يقومون بأعمالهم المختلفة، يروون الأرض ويبذرون البذور، ويجمعون الكروم، أو يصنعون النبيذ. وفي صورة أخرى ترى صاحب القبر وهو ذاهب إلى السوق يشتري حوائجه.
وجملة القول أنه بعد التأمل في هذه الصور يمكننا أن نعرف أسرار الحياة المصرية في ذلك العهد، وفي الواقع أن معظم معلوماتنا عن المصريين القدماء وأحوال معيشتهم مستمدة من هذه القبور وأمثالها.
وفي أحد الوديان الضيقة المسمى «وادي الملوك» دفن كل الفراعنة المتأخرين تقريبا، ومقابرهم الآن من أهم ما يذهب السائح من أجله إلى طيبة.
وسوف أصف لك أجملها وهو قبر سيتي الأول والد رمسيس الثاني السابق الذكر.
تدخل الباب الصخري فتجد نفسك في ظلام، ولا تترك ممرات إلا لتسير في أخرى، حتى تصل إلى الحجرة الرابعة عشرة «منزل أوزوريس الذهبي»، وهي على بعد أربعمائة وسبعين قدما من المدخل، وفيها يرقد الملك في تابوته الجميل، وجميع الجدران والأعمدة منقوشة ومزينة بالألوان والصور.
وبعض هذه الصور وهي المرسومة على الأعمدة تمثل الملك وهو يقدم الهدايا للآلهة، أو تصور الآلهة وهي ترحب بالملك. أما الصور التي على الجدران فهي في غاية الغرابة؛ لأنها تمثل رحلة الشمس في مملكة الدنيا السفلى، وتبين جميع الصعوبات التي تلقى الروح في أثناء سياحتها في الشمس. والروح الشريرة تتبعها الحيات والوطاويط المسلحة بالحراب. وهي تسوم سيئ الحظ الذي يقع تحت رحمتها أقسى أنواع العذاب؛ فتمزق قلبه، وتقطع رأسه، أو تضعه في قدر تغلي، أو تعلقه من قدميه وتترك رأسه يتدلى في بحيرة من نار.
نامعلوم صفحہ