مصر من ناصر إلى حرب
مصر من ناصر إلى حرب
اصناف
يورد الكاتب هنا ادعاء مستحيلا يفيد أن الضباط المصريين، تصوروا لديهم خبرة قتالية يفتقر إليها المستشارون العسكريون السوفييت، على حد زعمه. إحقاقا للحق يجب أن نقول إن المصريين كانت لديهم خبرة وحيدة هي الركض أمام الجيش الإسرائيلي. كان الضباط السوفييت يمتلكون دائما خبرة حقيقية اكتسبوها على جبهات القتال في الحرب الوطنية العظمى ؛ ولهذا فإن الملاحظة التي أبداها هيكل أقل ما توصف به أنها تفتقر إلى اللياقة.
ص180:
ومن جديد يعود الكاتب ليكشف عن جهله بالحقائق؛ فالأمر مختلف تماما عما ذكره؛ فعندما وصل الأدميرال جورشكوف إلى الإسكندرية أعلن عن رغبته في زيارة قائد قوات البحرية المصرية، اللواء بحري عبد الرحمن فهمي، على أن الأخير رأى أن صيغة الطلب الذي تقدم به الأدميرال السوفييتي تنقصه بعض الكياسة، ومن ثم لم يستقبله. ولما وصل فهمي بعد ذلك إلى القاهرة لم يقبل الأدميرال السوفييتي مقابلته.
ص180:
يبدو أن تصرفات صادق المستقلة على نحو كبير، كان لها دور حاسم في مسألة خلع السادات له من منصبه كوزير للحربية (على الرغم من أن صادق ساعد السادات منذ عام واحد تقريبا في إبعاد الناصريين). لقد بدا للسادات آنذاك أن استقلال صادق أمر زائد عن الحد، ومن المعروف أيضا أن صادق كان يحظى بتعاطف من جانب الطبقة العليا من الضباط الأغنياء، وهي الطبقة التي لم تكن تتقبل السادات مطلقا «كند لها»، فكانت تضعه في درجة أقل منها، على الرغم من أنه كان يسعى لاسترضائها. كان من الممكن لصادق أيضا أن يصبح بسهولة، في مثل هذه الظروف، «مركزا» لانقلاب ضد السادات، الذي شعر بذلك بسليقته. كانت المبررات لخلع صادق كافية تماما وواقعية؛ عدم الرغبة في القتال، ضعف الضبط والربط في الجيش، وهلم جرا. ينبغي أيضا ألا نستبعد من حسابتنا أن صادقا قام بزيارة رسمية إلى الاتحاد السوفييتي في شهر يونيو، استقبل خلالها حسابات بالغة، جعلت السادات يفكر، وقد طغى عليه الشك، أن الاتحاد السوفييتي «يراهن» على صادق.
ص183:
مرة أخرى يعود الكاتب لإضفاء هالة من الغموض حول تصرفات السادات في علاقته بالاتحاد السوفييتي. وهو هنا يكتفي بالحديث فقط عن تسلم السادات رسالة «سرية» من الولايات المتحدة الأمريكية تتضمن «أن مفتاح حل الصراع في الشرق الأوسط في يد الولايات المتحدة الأمريكية». أما رحلات السعوديين آنذاك فلم تكن محض صدفة؛ لقد كانوا يعملون باعتبارهم محامين للأمريكيين، داعين السادات ليتخذ بشكل أكثر صراحة موقفا معاديا للسوفييت.
كان قرار السادات بإبعاد العسكريين السوفييت، بطبيعة الحال، نتيجة صفقة حقيقية مع الأمريكيين. كان ذلك نوعا من «العربون» قدمه السادات للأمريكيين، كان عليهم أن يردوه فيما بعد.
ص184:
وكعادته عبر كيسينجر عن رأيه في هذا الأمر بصلف شديد. من الواضح أن السادات قد تصرف، حتى في نظر الأمريكيين، بقدر كبير من التفريط بإبعاده العسكريين السوفييت، ثم ها هو لا يحصل على شيء في المقابل من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يعني أن تقديراتنا التي بعثنا بها في حينه إلى موسكو كانت صحيحة. آنذاك لم نكن قد عرفنا شيئا بعد، بالطبع، عن هذا التصريح المستهتر الذي أطلقه كيسينجر: «لقد حصلت على كل شيء دون مقابل.»
نامعلوم صفحہ