مصر خديوی اسماعیل
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
اصناف
فهل من المدهش، بعد توالي هذه النكبات والكوارث الطبيعية على القطر في مدة (إسماعيل) أن يظهر الريف - لا سيما في الوجه القبلي - في مظهر البؤس الذي وصفته الليدي دف جوردون في رسائلها، والذي أدى إلى تخييم كآبة على وجوه الفلاحين، كالتي رآها بعضهم
20
مخيمة عليها منذ سنة 1866؟ هل من المدهش، والناس في الشرق ما فتئوا ميالين إلى الاستبشار بملوكهم، أو التطير منهم، حسبما يرونه في أيامهم من بواعث على الرخاء والهناء، أو من موجبات للخراب والشقاء؟ هل من المدهش أن الكثيرين من الذين عاشوا في تلك الأيام، لم يستطيعوا ذكرها إلا بشر، وبإظهار نقمتهم عليها، وهم - لابتعادهم عن الأشعة المنبعثة عن ولي النعم - لم يتمكنوا من التأثر بنعم هذه الأشعة، وإنما تأثروا فقط بتلك الكوارث الطبيعية المتعاقبة المتتابعة؟ أو ليس من المدهش بالعكس أن (إسماعيل) بالرغم من كل موجبات الأكدار هذه، استطاع أن يضع في سنى ملكه البهجة والسطوع اللذين وصفناهما في فصل سابق، وأن يجعل تلك السنين عبارة عن سلسلة أفراح ومواسم انتفاع عام لا انقطاع لها؟ وأن لا يتنكب على الأخص عن العمل على تنفيذ الخطة السامية التي وضعها لنفسه، على كثرة ما تستدعيه من نفقات، وبالرغم أيضا من العقبات التي أوجبتها، على غير انتظار، تبعية مصر للدولة العثمانية؟
أما وقد تكلمنا عن الكوارث الطبيعية، فلنتكلم الآن عن هذه العقبات ولو بإيجاز.
الفصل الثاني
الحملات المصرية المرسلة مساعدة لتركيا1
وأبثثت عمرا بعض ما في حوائجي
وجرعته من مر ما أتجرع (1) حملة العسير
ما ارتقى (إسماعيل) العرش إلا وناداه مناد من الأستانة أن «أرسل قوة إلى بلاد العرب لمساعدة القوات العثمانية المقاتلة هناك على إخماد الثورة المنتشرة فيها.»
وبلاد العرب منذ أن امتد ظل سلطة الدولة العثمانية عليها في أيام سليمان القانوني الفخيم حتى الحرب العالمية الأخيرة، ما فتئت تثور على حكم بني عثمان، بين حين وحين، وتكلفهم عناء شديدا في إعادتها إلى مظال السكينة والخضوع.
نامعلوم صفحہ