وأبطل «حسين باشا» حقوق الوراثة، فإن مات أحد الناس، استولى هو على تركته، وأحرم منها ورثته الأيتام والأرامل أو الثكالى، وإذا أراد أحد الانتقام من عدو، يكفيه أن يشي به إلى «حسين باشا» بأنه غني أو ابن غني، فيزجه الباشا في السجن ولا يخرج منه إلا بالبذل الكثير. ولم يكن يمر يوم إلا ويطوف فيه «حسين باشا» المدينة في موكبه، ولا تغيب الشمس قبل أن يقتل رجلا أو رجلين أو أكثر.
وقد حسب عدد الذين ذهبوا فريسة عتو هذا الغاشم في مدة حكمه وهي سنة و11 شهرا، فبلغوا نحوا من ألف ومائتي نفس غير الذين كان يقتلهم بيده. وكان له هيبة في قلوب رجاله، فأراد يوما ألا يشركوه بالقتل والنهب، فحظر عليهم ذلك، فلم يعودوا يجسرون على المخالفة ولم يسمع بشيء من تعدياتهم من ذلك الحين.
ثم أقيل وخلفه الوزير «محمد باشا بن أحمد باشا» وابن ابنه السلطان «سليم الثاني».
وفي شوال من سنة 1047ه، وردت إليه الأوامر أن يرسل ألفا وخمسمائة مقاتل، نجدة للحملة العثمانية إلى بغداد. فأرسل تلك الفرقة بقيادة أمير الحج «قنسو بك» في محرم سنة 1048ه، فسارت ولم ترجع إلى مصر إلا بعد الاستيلاء على المدينة في صفر سنة 1049ه.
واتبع الباشا خطوات سلفه بالاختلاس والنهب، فجمع ثروة عظيمة من تركات الأمراء والعلماء، فقام عليه الورثة، وبعد الجهد، تمكنوا من تحصيل نصف الأموال. وازداد ظلما وعتوا، حتى منع الصدقات التي كانت تدفع للأرامل والأيتام، وأخذها لنفسه، فكثرت التظلمات وتعددت العائلات المعسرة.
وفي الخميس 16 شوال سنة 1049، توفي السلطان «مراد». (9) سلطنة إبراهيم بن أحمد
من سنة 1049-1058ه أو 1640-1648م
ولد السلطان «إبراهيم» سنة 1024، فلما تولى الملك كان في الخامسة والعشرين من عمره.
وفي أيامه، فتحت جزيرة كريد، وصارت تابعة للمملكة العثمانية. وفيها أيضا زاد تمرد الإنكشارية فمل من تمردهم وعزم على الفتك بهم في ليلة زفاف إحدى بناته على ابن الصدر الأعظم، فاطلعوا على الدسيسة، وأجبروا المفتي أن يفتي بخلعه، فخلعوه وولوا ابنه «محمد الرابع» وعمره سبع سنوات، فلم يرض جند السياه بذلك، فأرادوا إرجاع «إبراهيم» فخاف رؤساء العصابة الفشل، فقتلوا «إبراهيم» كما قتلوا «عثمان الثاني» قبله.
وكان المصريون لما علموا بانتقال السلطنة إلى «إبراهيم» المذكور، ظنوا ذلك التغيير يغير حالهم، وينجيهم مما هم فيه. وأول ما أجراه السلطان المذكور أنه استبدل «محمد باشا» وأحرمه من العطية التي تعطى لحاكم مصر عند استقالته. ولكنه أمر بعد ذلك بإبقائه، فعاد إلى أعماله، وازداد ظلما وصلفا، ففتك بالناس فتكا ذريعا.
نامعلوم صفحہ