وكانت مدة حكم «أحمد باشا» سنتين وعشرة أشهر واثني عشر يوما، ولم يقتل في أثنائها أكثر من عشرة أشخاص ارتكبوا أمورا استوجبوا من أجلها القتل ولم يكن يحكم على أحد إلا بعد البحث الدقيق واستماع تقارير الدعوى من الطرفين. (7) سلطنة «مصطفى بن محمد»
من سنة 1026-1032ه أو من 1617-1623م
تولى هذا السلطان كرسي السلطنة وهو في الخامسة والعشرين من عمره، قضى معظمها في دار الحريم، ولم يمارس شيئا من أمور المملكة، فاستضعفه رجال الدولة، فتآمروا على خلعه، فخلعوه. وولوا مكانه «عثمان الثاني بن السلطان أحمد» ثم تغير الإنكشارية على السلطان، فخلعوا «عثمان» وأعادوا «مصطفى» وكان ذلك أول عهدهم في التولية والعزل، ثم صار ذلك عادة جروا عليها مع سائر السلاطين؛ إذ صار الأمر لهم في التولية والعزل.
أما مصر في أثناء ذلك. فاستبدل واليها «أحمد باشا» «بمصطفى لفغلي»، ولم يبق على مصر بعد خلع السلطان الذي ولاه إلا بضعة أشهر؛ لأنه سهل النفوذ لذويه في الأحكام فنشأت ثورة عسكرية في 7 شوال سنة 1027ه، فقتل الثائرون عددا كبيرا من الأمراء الأغوات وغيرهم من الكبراء، واضطر الباقون إلى الفرار، ولم يسكن الاضطراب إلا بعزل «مصطفى باشا» بأمر السلطان «عثمان».
فتولى مكانه الوزير «جعفر باشا» وهذا لم تطل حكومته أكثر من خمسة أشهر ونصف. وكان محبا للعلم والعلماء، يجمع إليه رجال الأدب، ويكرم مثواهم، ولم يهتم كل تلك المدة إلا بما فيه منفعة البلاد وراحة العباد.
وظهر في أيامه وباء انتشر في مصر، وفتك بأهلها فتكا، وأيضا من غاية ربيع الأول سنة 1208 إلى غاية جمادى الثانية من السنة المذكورة. وقد لوحظ أن معظم الذين ماتوا بهذا الوباء شبان بين الخامسة عشرة والخامسة والعشرين من أعمارهم، وبلغ عدد من توفي بسببه 365000 نفس.
وتولى بعد «جعفر باشا» «مصطفى باشا»، فقبض على «مصطفى بك» الملقب «بالبكلجي» زعيم الثورة التي نشأت في أيام «مصطفى باشا لفغلي» وحكم عليه بالإعدام. فسر الثاني بذلك لأن «مصطفى» المذكور كان أصل متاعبهم. على أن سرورهم لم يلبث أن ظهر حتى أبدل بالكدر؛ لأن «مصطفى باشا» حاكمهم الجديد، اضطهد تجارهم وضيق عليهم مسالك رزقهم، فرفعوا تظلماتهم إلى السلطان، فنظر في دعواهم، وأنصفهم، فعزل ذلك الباشا، وولى «حسين باشا». فبادر هذا إلى إبطال جميع الضرائب غير العادلة التي كان قد ضربها سلفه.
وفي أيامه، ارتفع النيل ارتفاعا فوق العادة فطاف على الأرض، وأغرقها حتى يئس الناس من البقاء لنهاية ذلك الطوفان، وأصابهم ضيق شديد أعقبه طاعون فتاك.
ثم عزل «حسين باشا» واستقدم إلى الآستانة، وقبل وصوله إليه خلع السلطان «عثمان الثاني» وأعيد «مصطفى الأول» سنة 1031، الذي كان قبله.
أما الباشا المعزول، فوصل إلى الآستانة في أسعد الأوقات له؛ لأن إعراض السلطان السابق عنه، كان داعيا لرغبة السلطان الجديد في تقريبه منه، فاتفقت الأحزاب هناك على توليته الصدارة العظمى.
نامعلوم صفحہ