مشكلة الثقافة
مشكلة الثقافة
تحقیق کنندہ
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
ناشر
دار الفكر
ایڈیشن نمبر
١٤٢٠هـ = ٢٠٠٠م ط٤
پبلشر کا مقام
دمشق سورية
اصناف
مقدمة الطبعة الأولى
جرى العرف إذا ما أريد الحديث عن الثقافة أن تقتصر مشكلتها في ذهن القارئ على قضية الأفكار.
والحق أن المشكلة هي كذلك في جانب من جوانبها؛ ولكن الثقافة لا تضم في مفهومها الأفكار فحسب، وإنما تضم أشياء أعم من ذلك كثيرًا، تخص- كما سنرى خلال عرضنا- أسلوب الحياة في مجتمع معين من ناحية، كما تخص السلوك الاجتماعي الذي يطبع تصرفات الفرد في ذلك المجتمع من ناحية أخرى.
ومع ذلك فإذا لم يكن من دافع يدفعنا إلى هذه الدراسة سوى مشكلة الأفكار، فإن مسوغًا كهذا قد يكون كافيًا في الظروف الراهنة التي يعيشها العالم الإسلامي والبلاد العربية.
وسيكون هذا المسوغ في الواقع صادقًا في نظرتين، ومن المحتمل أن يصدق في نظرة ثالثة.
إن تنظيم المجتمع وحياته وحركته، بل فوضاه وخموده وركوده، كل هذه الأمور ذات علاقة وظيفية بنظام الأفكار المنتشرة في ذلك المجتمع؛ فإذا ما تغير هذا النظام بطريقة أو بأخرى فإن جميع الخصائص الاجتماعية الأخرى تتعدل في الاتجاه نفسه. إن الأفكار تكون في مجموعها جزءًا هامًا من أدوات التطور في مجتمع معين، كما أن مختلف مراحل تطوره هي في الحقيقة أشكال متنوعة لحركة تطوره الفكري؛ فإذا ما كانت إحدى هذه المراحل تنطبق على ما يسمى بالنهضة، فإن معنى هذا أن المجتمع في هذه المرحلة يتمتع بنظام رائع من الأفكار، وإن هذا النظام يتيح لكل مشكلة من مشاكله الحيوية حلًا مناسبًا.
ومثالنا على ذلك أننا نرى في أيامنا هذه مجتمعات معاصرة تطبق حلولًا مختلفة بصدد مشكلة بسيطة هي مشكلة الذباب، هذا الاختلاف لا ينشأ عن سبب فني في المشكلة، بل
1 / 13