مصباح الانس بين المعقول والمشهود
صفحہ 1
مقدمة الشارح هو بسم الله الرحمن الرحيم 1 - 1 سبحانك اللهم وبحمدك (1)، حمدا يرتضيه ذاتك الذي لا يحوم حول عزه الاحمى
صفحہ 3
ذكر ولا عبارة، ويقتضيه كنه حقائق كمالاتك الصفاتية التي لا تبلغ شأو (1) شمة منها من
صفحہ 4
حيث لك فكر ولا إشارة، لاتحادها بها من تلك الحيثية وحدة قدسية منزهة عن اعتباري (1) الصفة والموصوف، بل ذاتية لا يلاحظ العارف فيها غير المعروف، لكن لاشتمال معقوليتها
صفحہ 5
على نسبة رابطة وحكمة ضابطة عرضت على وحدانيتها الحقيقية كثرة نسبية طالبة مظاهر تعينها على مراتب تبينها، كما تطلب القوابل ما لا يلائم كلا (1) من الظهور، ليحصل عند تعين الطلبين نور على نور، ويتحقق المجازاة الكبرى التي يترتب عليها ثمرات النشأتين الأولى والاخرى.
2 - 1 فالحمد بالألسنة الخمسة (2) لهذه الحقائق، الهية فاعلة كانت أو كونية قابلة على
صفحہ 6
ما بينهما من الرقائق، مع أنه حمد جامع لأنواعه وآلاته من حيث تعاكسه حقا وخلقا بأربع اعتباراته (1) في خمس حضراته، ولا ريب في ذوق التحقيق: ان محامد الكل (2) إليك راجعة، معرضة كانت في زعمها أو طائعة، يكون متحدا بك في ذاتك لا متوزعا، ولا يتصور الا منك أو ممن بك (3) وأنت به (4) بين القربين (5) جامعا، (6) بل وقد ترقى
صفحہ 7
فوق (1) القربين إلى نقطة جامعة بين قرآنية المحاذاة بمعناه (2)، وبين فرقانية المضاهاة لسيده ومولاه (3)، وذا (4) لمن تعين له الأزلية من النون الأولى، وذلك فضل إليه يؤتيه من يشاء (4 - الجمعة).
3 - 1 وصل على من جعلته عنوان عنايتك العظمى وخلتك الكبرى، وآتيته انية جمعية (5) أسمائك الأولى، صاحب أمانة حقيقة الخلافة، ومن من منه وبامداده يمكن وصول النقطة
صفحہ 8
المشار إليها بالوراثة، محمد المحمود سره وعلنه وعينه وعلمه، الخليفة على كل الخليقة من حيث ذاته وحاله ومرتبته وحكمه، وعلى آله الطينية والدينية وورثته الحالية والمقامية والعلمية والعملية، صلاة تجازى بها عنا احسانه وتكافئ بها ما خصنا وعمنا ارساله بالرحمتين من رحيمه ورحمانه.
4 - 1 وبعد: فان التنفر عن تشذب (1) أراء علماء الرسوم بتوفر تذبذب أهواء أبناء العلوم إلى حد لا يرجى تطابق طرائقهم ولا التوافق بين سوابقهم ولواحقهم في كشف حقائق العقيدة وحل مزالق الشريعة العتيدة، لما بعثني على امعان النظر في حقيقة مذاهب توحيد الذات والصفات، وانعام الفكر في مشارب أهل التحقيق والثقات، الذين شعارهم العض بالنواميس والشرعيات، ودثارهم تهذيب النفوس وتتميم مكارم الأخلاق ومعرفة اسرار الآيات، وجذبة الحق الحقيق بالقبول وسر اسرار الفروع والأصول، لان خلاصة ذوقهم حمل الكتاب والسنة على حقيقته دون مجازه مدى طوقهم، والتوفيق بين آبيات العقول وآيات المنقول، وجمعها في دائرة امكان المعقول.
1 فحين ساعدني التوفيق الإلهي لاطمئنان القلب على طريق ذلك الفريق، قلت للقلب: هذا نصيبك، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
1 ولما وجهت تلقاء مدين ركب الخاطر ظهرت بركاته في الباطن والظاهر، ومن جملتها ان يسرني الله لتكرار النظر وترداد الفكر في حقائق مفتاح غيب الجمع والوجود، الذي صنفه شيخنا الكامل المكمل، سلطان الكونين، برزخ الحضرتين، مرآة الطرفين، مجلي الشرفين، صدر الملة والحق والحقيقة - أبو المعالي - محمد بن إسحاق بن محمد بن علي بن يوسف القونوي قدس الله سره راضيا عنه به منه، رضاء يبوئه على
صفحہ 9
خلق مولاه، من حيث الحاصل له في أولاه واخراه.
وهذا دعاء منه فيه له به * * ففي ذوقه كل لكل حبيبه 7 - 1 أردت بسط كلامه، لا على ما هو حق مقامه، بل على ما هو طوق ذوقي في فهمه وافهامه، مستدلا في ذلك البسط بما افاده في قواعد سائر تصانيفه من الضبط كما قيل:
ولولا اللطف والاحسان منه * * لما طاب الحديث ولا الكلام وكل لطيفة وظريف معنى * * حبيبي فيه والله الامام 8 - 1 أو بما افاده شيخه الذي شهد له بأنه خاتم الولاية المحمدية، أو أولاده الإلهيون - كالاذواق السعيدية الفرغانية والمؤيدية - رضي الله عنهم وأرضاهم بهم منهم إليهم.
9 - 1 واجتهدت في تأنيس تلك القواعد الكشفية حسب الامكان بما توافق عقل المحجوبين بالنظر والبرهان، تأسيا بذلك بما سلكه نفسه في كثير من المواضع، مع كونه محيطا بكل المشاهد والمجامع، فان وافق ما قصده فذاك من فيض بركاته، والا فمن قصور القلب وتوجهه وسوء حركاته، وقد قيل بالفارسية:
هر چند به نزد تو نيرزم حبه أي * * در كوى اميد ميزنم دبدبه أي مستان شراب عشق تو بسيارند * * شايد كمه بما نيز رسد مشربه أي 10 - 1 وسميته: مصباح الانس بين المعقول والمشهود، في شرح: مفتاح غيب الجمع والوجود. فإن لم تكن تأسيسا وتهذيبا بالنسبة إلى الكاملين في حقيقته، فلا بد من أن يكون تأنيسا وترغيبا للمحجوبين إلى محبته وطريقته، ولعلى أعد بذلك عند الحق سبحانه ممن تمتع بشريف شفاعته ونجا من اليم لئيم النفس بكريم كرامته، انه تعالى هو المفضال المحسان وعليه التوكل في كل شأن وآن.
11 - 1 ثم هذا الكتاب مرتب على فاتحة وتمهيد جملي فيه سابقة وفصلان وخاتمة، وعلى
صفحہ 10
باب لبيان الترتيب الوجودي (1) وفيه فصول عزيزة الفحوى وأصول غزيرة الجدوى، وعلى خاتمة جامعة لما سبق من المقاصد لبيان ما هو اقصى مقاصد خير قاصد (2).
12 - 1 اما الفاتحة: ففي مقدمات الشروع، المفيدة للشوق الجملي والضبط الأصلي في المشروع (3).
13 - 1 واما التمهيد الجملي: ففي ذكر ما به صح ارتباط العلم بالحق والحق بالعالم، مع أنه بذاته ووحدته الذاتية غنى عن العالمين، وسابقته في أمهات أصول تلك الصحة، وفصله الأول في تصحيح الإضافات التي بين الذات والصفات، وفصله الثاني في تصحيح النسبة التي بينه سبحانه باعتبار أقسام أسماء الصفات وبين تكوين أعيان المكونات، وخاتمته في بيان متعلقات طلبنا بالاجمال، وبأي اعتبار لا يتناهى مراتب الاستكمال؟
14 - 1 واما الباب: ففي تعيين كليات جهات الارتباطات بينه سبحانه وبين المكونات وغيرها من العلويات والسفليات.
15 - 1 واما خاتمة الكتاب الجامعة لمقاصد الباب: ففي بيان خواص الانسان الكامل، لأنه مع آخريته الشهودية، أول الأوائل في التوجه الإلهي الشامل.
صفحہ 11
(2) الفاتحة في مقدمات الشروع وفيها فصول:
الفصل الأول في تقسيم العلوم الشرعية الإلهية إلى الأمهات الأصلية والفروع الكلية 1 - 2 روى عن النبي صلى الله عليه وآله: العلم علمان: علم الأبدان وعلم الأديان، فعلم الأبدان كالطب ندب إليه النبي بالتصريح والتقديم هنا، والتلويح والتعظيم في قوله صلى الله عليه وآله حكاية عن الله تعالى: انا الله وانا الرحمن، خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمى، فمن وصلها، وصلته، ومن قطعها، قطعته. وعن أبي هريرة: قال الله لها: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته.
صفحہ 12
2 - 2 قال الشيخ قدس سره في شرحه: (1) الرحم اسم لحقيقة الطبيعة، وهى حقيقة جامعة بين الكيفيات الأربع، بمعنى انها عين كل واحدة (2) وليس كل واحدة من كل وجه عينها، بل من بعض الوجوه (3)، ووصلها (4) بمعرفة مكانتها وتفخيم قدرها، إذ لولا المزاج المتحصل من أركانها لم يظهر تعين الروح الإنساني (5) ولا امكنه (6) الجمع بين العلم بالكليات والجزئيات الذي (7) به توسل إلى التحقق بالمرتبة البرزخية المحيطة باحكام الوجوب والامكان والظهور بصورة الحضرة والعالم تماما. واما قطعها: فبازدرائها (8) وبخس حقها، فان من بخس حقها فقد بخس حق الله تعالى وجهل ما أودع فيها من خواص الأسماء (9)، ولولا علو مكانتها لم يحبها الحق بآخر الحديث (10).
صفحہ 13
3 - 2 ومن جملة ازدرائها: مذمة متأخري الحكماء لها ووصفها بالكدورة والظلمة وطلب الخلاص منها، فلو علموا (1) ان كل كمال يحصل للانسان بعد مفارقة النشأة الطبيعية فهو من نتائج مصاحبة الروح للمزاج الطبيعي وثمراته، فحقيقة ما يتوقف (2) مشاهدة الحق سبحانه عليها على ما تتأتى (3) لعموم السعداء، رؤية الحق الموعود بها في الشريعة، كيف يجوز ان تزدرى؟ هذا كلامه.
صفحہ 14
وأقول: قد علم من توقف تعين الروح الإنساني على تحصيل المزاج الطبيعي وظهور كمالاته عليه، جهة تقديمه في الحديث على علم الأديان.
صفحہ 15
5 - 2 فان قلت: فقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، وصرح الشيخ قدس سره أيضا في كتبه - سيما في باب النكاحات - ان وجود الأرواح مقدم على تعين عالم المثال المتقدم على وجود الأجسام البسيطة، فضلا عن الأبدان المركبة، فما التوفيق بين القولين؟
6 - 2 قلت: التقدم للأرواح العالية الكلية، حتى لو كان المدبر للاشباح من الأرواح الكلية قد يكون عالما بنشأته السابقة على نشأة البدن، كنشأة (الست) وغيرها - كما سيجئ - والتوقف للأرواح الجزئية موافقا لما ثبت في الحكمة، ولكون الأرواح العالية المسماة بالعقول واسطة في تعين النفوس الكلية ثم في تعين النفوس الجزئية حسب تعين الأمزجة الطبيعية، عبر عن كل تقدم بألف عام - تنبيها على قوة التفاوت بين المراتب الثلاث - والله أعلم.
7 - 2 وفي الحث على وصل رحم الطبيعة معرفة سر المنهى عن إلقاء النفس في التهلكة.
وقد روى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: نفسك مطيتك، فارفق بها، وسر مغضوبية من
صفحہ 16
أهلك نفسه أو قتل مؤمنا متعمدا، وسر اشتراط الأربع في شهادة الزنا - لا في القصاص - لان العدل صفة حكم الحق مطلقا، والله غالب على امره، فرجح جانب رعايته ما أمكن، وانما حكم برجم المحصن لاشتمال اطلاق تصرف التأثير لا عن أمر على ادعاء الألوهية، فاهلك بتفرق الاحجار عليه في مقابلة هتك حرمته تفاصيل احكام أسماء احصانها (1)، واكتفى في البكر بالجلد بعدد تلك الأسماء لشفاعة حكم الأولية الذاتية الأحدية، كذا ذكره الشيخ قدس سره.
8 - 2 وفي ان الكمال الأخروي (2) ليس الا من ثمرات هذه النشأة، موافقا لقوله تعالى:
وان ليس للانسان الا ما سعى (39 - النجم) معرفة ان حكم الثلاث - المستثناة في حديث:
إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا عن ثلاث - الحديث - وما يلائمه كحديث الخثعمية وغيره لكونها (3) من ثمرات النشأة الدنياوية.
9 - 2 اما علم الأديان فقسمان: علم الظاهر وعلم الباطن، كل منهما مع تشعبهما من القرآن والحديث، كأن علومهما نهران ينصبان في حوض كوثر يتفرق منه جداول علوم الكسب من جانب، وعلوم الوهب التي عبر عن مظاهرها في الجنة بالأنهار الأربعة من جانب اخر، (4) كما أخبر صلى الله عليه وآله: ان للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا، وفي رواية: ولبطنه بطنا إلى سبعة ابطن، وفي رواية: إلى سبعين بطنا - (5) ذكره الشيخ قدس سره في الفكوك -
صفحہ 17
10 - 2 وقال في تفسير الفاتحة: الظهر هو الجلي والنص المنتهى إلى اقصى مراتب البيان والظهور، نظير الصورة المحسوسة. والبطن هو الخفى، نظير الأرواح القدسية المحجوبة عن أكثر المدارك. والحد هو المميز بين الظاهر والباطن به يرتقى (1) من الظاهر إليه، وهو البرزخ الجامع بذاته، والفاصل أيضا بين الباطن والمطلع، ونظيره عالم المثال الجامع بين الغيب المحقق والشهادة. والمطلع ما يفيدك الاستشراف على الحقيقة التي إليها يستند ما ظهر وما بطن وما جمعهما وميز بينهما، فيريك ما وراء ذلك كله، وهو أول منزل للغيب الإلهي وباب حضرة الأسماء والحقائق المجردة الغيبية، ومنه يستشرف المكاشف على سر الكلام الاحدى الغيبي، فيعلم ان الظهور والبطون والحد والمطلع منصات لهذا التجلي الكلامي ومنازل لتعينات احكام الاسم المتكلم من حيث امتيازه عن المسمى.
2 ثم قال: وللكلام رتبة خامسة من حيث إنه ليس بشئ زائد على ذات المتكلم، يعرف من سر النفس الرحماني. هذا كلامه.
12 - 2 وأقول: والله أعلم، كان (2) ظهرهما ما يفهم منهما بالعرف اللغوي مما يتعلق بالاعمال القالبية، كالاقرار بالايمان، وبطنهما مقصودهما الأصلي مما يتعلق بالمعاملات القلبية، والمطلع ما بعدهما مما يتعلق بالاسرار السرية والحقائق الجمعية إلى حد التعين الأول، واما من حيث التجلي الاحدى المخصوص بالكمل المحمديين، فهو ما يسميه الشيخ ما بعد المطلع.
صفحہ 18
13 - 2 واما تفسير سبعة ابطن: فلما كانت المخاطبات الربانية والتنزلات (1) الإلهية، السنة أحوال المخاطبين عنده (2) من حيث إنهم معه، والسنة أحواله عندهم ومعهم (3)، والسنة النسب والإضافات المتعينة في البين - كما قال في تفسير الفاتحة - كان تعين بطونها حسب تعين بطونهم، وذلك فيهم على ما في شرح القصيدة للفرغاني، مع مزيد بيان: ان للنفس من حيث قوتها العاملة في ضبط الأمور الدنيوية المذكورة كلياتها ثمانية في قوله تعالى: زين للناس حب الشهوات - الآية (14 - آل عمران) بطنا أولا ولسانه: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا - الآية (7 - الروم) وطلب صاحبه: ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق (200 - البقرة) 14 - 2 ومن حيث (4) عبورها إلى طلب الأمور الأخروية من جهة قوتها العاقلة
صفحہ 19
المنورة بنور الشرع بطنا ثانيا ولسانه: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة... الآية (201 - البقرة) وهو لعوام أهل الاسلام والايمان وأول مراتب الاحسان الذي فسره الشيخ قدس سره في الفكوك بفعل ما ينبغي بما ينبغي كما ينبغي وحكم بدخول جميع الوصايا والنصائح في احكامه.
15 - 2 وللروح من حيث تعينه في عالم الأرواح واللوح المحفوظ بطن ثالث وهو منفتح لخواصهم، ولسان مرتبته (1) جواب حارثة - حين سأله النبي صلى الله عليه وآله يا
صفحہ 20
حارثة كيف أصبحت؟ قال: أصبحت مؤمنا حقا، فقال: ان لكل حق حقيقة (1)، فما حقيقة ايمانك؟ قال: عزفت نفسي عن (2) الدنيا فتساوى عندي ذهبها وحجرها ومدرها، ثم قال:
صفحہ 21