مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

Mulla Ali al-Qari d. 1014 AH
84

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

ناشر

دار الفكر

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

مَجْهُولًا، وَرَفْعِ دَوِيٍّ عَلَى النِّيَابَةِ، وَكَذَا الْوَجْهَانِ فِي قَوْلِهِ: (وَلَا نَفْقَهُ) أَيْ لَا نَفْهَمُ مِنْ جِهَةِ الْبُعْدِ (مَا يَقُولُ) لِضَعْفِ صَوْتِهِ (حَتَّى دَنَا) أَيْ (مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ) كَمَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ، أَيْ إِلَى أَنْ قَرُبَ فَفَهِمْنَا (فَإِذَا) لِلْمُفَاجَأَةِ (هُوَ) أَيِ الرَّجُلُ (يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ) أَيْ عَنْ فَرَائِضِهِ الَّتِي فُرِضَتْ عَلَى مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ، وَصَدَّقَ رَسُولَهُ لَا عَنْ حَقِيقَتِهِ؛ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرِ الشَّهَادَتَيْنِ، وَلِكَوْنِ السَّائِلِ مُتَّصِفًا بِهِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى ذِكْرِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا: أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ؟ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ مَاهِيَّةِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّهَادَةَ وَلَمْ يَسْمَعْهَا الرَّاوِي أَوْ نَسِيَهَا، أَوِ اخْتَصَرَهَا لِكَوْنِهَا مَعْلُومَةً عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ، وَقِيلَ: لَمْ يَذْكُرِ الْحَجَّ لِأَنَّ الْحَدِيثَ حِكَايَةُ حَالِ الرَّجُلِ خَاصَّةً لِقَوْلِهِ: عَلَيَّ، فَأَجَابَهُ ﵊ بِمَا عَرَفَ مِنْ حَالِهِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ وَجَبَ الْحَجُّ عَلَيْهِ، أَوْ لِأَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ حِينَئِذٍ، أَوْ أُسْقِطَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ: فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ. (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ) بِالرَّفْعِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيِ الْإِسْلَامُ، وَالْمُرَادُ فَرْضُهُ إِقَامَةُ خَمْسِ صَلَوَاتٍ، أَوْ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفٌ الْخَبَرَ أَيْ مِنْ شَرَائِعِهِ أَدَاءُ خَمْسِ صَلَوَاتٍ، وَيَجُوزُ نَصْبُهُ بِتَقْدِيرِ خُذْ، أَوِ اعْمَلْ، أَوْ صَلِّ، وَهُوَ أَحْسَنُ. وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ فَأَعْرَبَ بِقَوْلِهِ بِالْجَرِّ بَدَلًا مِنَ الْإِسْلَامِ، أَوْ بِقَسِيمَيْهِ أَيْ هُوَ أَوْ خُذْ اهـ. وَالَّذِي اخْتَارَهُ مِنَ الْجَرِّ لَا يَصِحُّ رِوَايَةً وَدِرَايَةً، أَمَّا الْأَوَّلُ فَيَظْهَرُ لَكَ مِنْ تَتَبُّعِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْبَدَلَ وَالْمُبْدَلَ لَا يَكُونَانِ إِلَّا فِي كَلَامٍ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّ الْمَقُولَ لَا يَكُونُ إِلَّا جُمْلَةً، فَأَحَدُ جُزْأَيْهِ الْمَوْجُودُ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا، وَأَنَّهُ إِذَا جُعِلَ بَدَلًا لَا يَبْقَى لِلسُّؤَالِ جَوَابًا، فَلَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (فَقَالَ) أَيِ الرَّجُلُ (هَلْ عَلَيَّ) أَيْ يَجِبُ مِنَ الصَّلَاةِ (غَيْرُهُنَّ؟) أَيْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، أَوِ الْجَارُّ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَغَيْرُهُنَّ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ (فَقَالَ) ﷺ: (لَا) أَيْ لَا شَيْءَ عَلَيْكَ غَيْرُهَا، وَهَذَا قَبْلَ وُجُوبِ الْوِتْرِ، أَوْ أَنَّهُ تَابِعٌ لِلْعِشَاءِ، وَصَلَاةُ الْعِيدِ لَيْسَتْ مِنَ الْفَرَائِضِ الْيَوْمِيَّةِ بَلْ هِيَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ السَّنَوِيَّةِ (إِلَّا أَنْ): بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (تَطَّوَّعَ): بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَالْوَاوِ، وَأَصْلُهُ تَتَطَوَّعَ بِتَاءَيْنِ، فَأُبْدِلَتْ وَأُدْغِمَتْ، وَرُوِيَ بِحَذْفِ إِحْدَاهَا وَتَخْفِيفِ الطَّاءِ، وَالْمَعْنَى إِلَّا أَنْ تَشْرَعَ فِي التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْكَ إِتْمَامُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٣] وَلِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى وُجُوبِ الْإِتْمَامِ. وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: هَذَا مُجَرَّدُ دَعْوَى بِلَا سَنَدٍ - مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ السَّنَدِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْإِجْمَاعِ، مَعَ أَنَّ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ سَنَدٌ مُعْتَمَدٌ لِصِحَّةِ الْإِجْمَاعِ الْمَسْطُورِ، وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ النَّهْيَ فِيهِ لِلتَّنْزِيهِ مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَنَفِيَّةَ حَيْثُ اسْتَدَلُّوا بِهِ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ الْإِتْمَامَ فَرْضٌ، وَهُمْ إِنَّمَا يَقُولُونَ بِوُجُوبِهِ - مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْآيَةَ قَطْعِيَّةٌ وَالدَّلَالَةُ ظَنِّيَّةٌ. وَقَوْلُهُ: وَاسْتِثْنَاءُ الْوَاجِبِ مِنَ الْفَرْضِ مُنْقَطِعٌ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ عِنْدَنَا فَرْضٌ عَمَلِيٌّ لَا اعْتِقَادِيٌّ، وَهَذَا الِاعْتِبَارُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَرْضٌ، فَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِ فِي الْحَدِيثِ الْمَعْنَى الْأَعَمُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، مَعَ أَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي جَعْلِ الِاسْتِثْنَاءِ مُنْقَطِعًا لِصِحَّةِ الْكَلَامِ كَمَا اخْتَارَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مِنَ النَّفْيِ لَا يُفِيدُ الْإِثْبَاتَ بَلِ الْحُكْمُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ عِنْدَهُمْ مَدْخُولٌ، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا يَرِدُ عَلَيْهِمْ لَوِ اسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ دَلِيلَهُمُ الْآيَةُ وَالْإِجْمَاعُ، وَإِنَّمَا حَمَلُوا لَفْظَ الْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْنَى الْمُسْتَفَادِ مِنْهُمَا، ثُمَّ هَذَا مُطَّرِدٌ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ عِنْدَنَا حَيْثُ يَلْزَمُ النَّفْلُ بِالشُّرُوعِ، وَوَافَقَنَا الشَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَعَلَيْهِ الْفَرْقُ، وَإِلَّا فَيَكْفِينَا قِيَاسُ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ عَلَيْهِمَا أَيْضًا، أَوِ الْمَعْنَى إِلَّا أَنْ تُوجِبَ عَلَى نَفْسِكَ بِالنَّذْرِ، وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا، وَعَدَلَ عَنْهُ ابْنُ حَجَرٍ فَقَالَ: لَكِنَّ التَّطَوُّعَ مُسْتَحَبٌّ، فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَدْخُولٍ لَا مُنْقَطِعٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدُلُّ عَلَى إِيجَابِ إِتْمَامِ التَّطَوُّعِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ. أَقُولُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا، وَالْمَعْنَى لَكِنَّ التَّطَوُّعَ بِاخْتِيَارِكَ أَيِ ابْتِدَاءٌ كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا، أَوِ انْتِهَاءٌ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَفِيهِ حَثٌّ عَلَى الْخَيْرَاتِ وَتَرْكِ الْوُقُوفِ عَلَى مُجَرَّدِ الْوَاجِبَاتِ. (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ) عَطْفٌ عَلَى خَمْسٍ، وَجُمْلَةُ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ مُعْتَرِضَةٌ (قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟) أَيْ هَلْ عَلَيَّ صَوْمٌ فَرْضٌ سِوَى صَوْمِ رَمَضَانَ (قَالَ) بِحَذْفِ الْفَاءِ فِي الْأُصُولِ الْحَاضِرَةِ (لَا) فَلَا يَجِبُ صَوْمُ عَاشُورَاءَ

1 / 86