مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
ناشر
دار الفكر
ایڈیشن
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م
پبلشر کا مقام
بيروت - لبنان
أَصْلًا، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَمَا مَثَّلَهُ الطِّيبِيُّ أَوَّلًا غَيْرُ مُسَلَّمٍ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْبِدْعَةَ الْحَسَنَةَ مُلْحَقَةٌ بِالسُّنَنِ الْمَنْصُوصَةِ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ تُؤْلَفْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ سُمِّيَتْ بِدْعَةً، وَأَمَا ثَانِيًا فَنَحْوُ الْمَدْرَسَةِ نَفْعُهَا عَامٌّ دَائِمٌ وَثَوَابُهَا مُتَضَاعِفٌ بَاقٍ بِبَقَائِهَا، فَكَيْفَ يُفَضَّلُ عَلَيْهَا مَا نَفْعُهُ قَاصِرٌ وَثَوَابُهُ مُنْقَطِعٌ بِانْقِضَاءِ فِعْلِهِ هَذَا مِمَّا لَا يُعْقَلُ اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُ ﵊ الْمُبَالَغَةُ فِي مُتَابَعَتِهِ، وَأَنَّ سُنَّتَهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا سُنَّةٌ أَفْضَلُ مِنْ بِدْعَةٍ وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَحْسَنَةً مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا مُتَعَدِّيَةً أَوْ قَاصِرَةً أَوْ دَائِمَةً أَوْ مُنْقَطِعَةً، أَلَا تَرَى أَنَّ تَرْكَ سُنَّةٍ أَيِّ سُنَّةٍ تَكَاسُلًا يُوجِبُ اللَّوْمَ وَالْعِتَابَ وَتَرْكُهَا اسْتِخْفَافًا يُثْبِتُ الْعِصْيَانَ وَالْعِقَابَ وَإِنْكَارُهَا يَجْعَلُ صَاحِبَهُ مُبْتَدِعًا بِلَا ارْتِيَابٍ، وَالْبِدْعَةُ وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَحْسَنَةٌ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا جَعْلُ خَيْرٍ بِغَيْرِ مَعْنَى التَّفْضِيلِ فَبَعِيدٌ، بَلْ تَحْصِيلُ حَاصِلٍ مَعْلُومٍ عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ فَلَا يَكُونُ فِيهِ فَائِدَةٌ تَامَّةٌ وَلَا مُبَالَغَةٌ كَامِلَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ)، قَالَ مَيْرَكُ: بِسَنَدٍ جَيِّدٍ.
١٨٨ - وَعَنْ حَسَّانَ، قَالَ: مَا ابْتَدَعَ قَوْمٌ بِدْعَةً فِي دِينِهِمْ إِلَّا نَزَعَ اللَّهُ مِنْ سُنَّتِهِمْ مِثْلَهَا، ثُمَّ لَا يُعِيدُهَا إِلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.
ــ
١٨٨ - (وَعَنْ حَسَّانَ): غَيْرُ مُنْصَرِفٍ عَلَى أَنَّهُ فَعْلَانُ، وَقَدْ يَنْصَرِفُ عَلَى أَنَّهُ فَعَّالٌ، وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ شَاعِرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُكَنَّى أَبَا الْوَلِيدِ الْأَنْصَارِيَّ الْخَزْرَجِيَّ، وَهُوَ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَجْمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى أَنَّ أَشْعَرَ أَهْلِ الْمَدَرِ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، رَوَى عَنْهُ عُمَرُ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةُ، وَمَاتَ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ، وَقِيلَ: سَنَةُ خَمْسِينَ، وَلَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، عَاشَ مِنْهَا سِتِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ (قَالَ) أَيْ: حَسَّانُ (مَا ابْتَدَعَ قُوْمٌ بِدْعَةً) أَيْ سَيِّئَةً مُزَاحِمَةً لِسُنَّةٍ (فِي دِينِهِمْ إِلَّا نَزَعَ اللَّهُ مِنْ سُنَّتِهِمْ مِثْلَهَا) أَيْ فِي الْعَدَدِ وَالْقَدْرِ، أَوْ مِنْ شَآمَةِ ارْتِكَابِ الْبِدْعَةِ يُحْرَمُونَ مِنْ بَرَكَاتِ السُّنَّةِ (ثُمَّ لَا يُعِيدُهَا): أَيِ اللَّهُ تِلْكَ الْحَسَنَةَ (إِلَيْهِمْ) أَيْ إِلَى ذَلِكَ الْقَوْمِ الَّذِينَ اتَّفَقُوا عَلَى ابْتِدَاعِ السَّيِّئَةِ (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) . قَالَ الطِّيبِيُّ: وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ كَانَتْ مُتَأَصِّلَةً مُسْتَقِرَّةً فِي مَكَانِهَا، فَلَمَّا أُزِيلَتْ عَنْهُ لَمْ يُمْكِنْ إِعَادَتُهَا كَمَا كَانَتْ أَبَدًا فَمَثَلُهَا كَمَثَلِ شَجَرَةٍ ضَرَبَتْ عُرُوقَهَا فِي تُخُومِ الْأَرْضِ، فَإِذَا قُلِعَتْ لَمْ يُمْكِنْ إِعَادَتُهَا كَمَا كَانَتْ (رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ) . أَيْ: مَوْقُوفًا، لَكِنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى إِخْبَارٍ بِغَيْبٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ثُمَّ. . إِلَى. . . إِلَخْ. فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ.
١٨٩ - وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ وَقَّرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ، فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الْإِسْلَامِ» ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الْإِيمَانِ) مُرْسَلًا.
ــ
١٨٩ - (وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ): بِفَتْحِ السِّينِ الطَّائِفِيِّ، يُعَدُّ فِي التَّابِعِينَ، ثِقَةٌ صَحِيحُ الْحَدِيثِ، حَدِيثُهُ فِي أَهْلِ مَكَّةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ وَقَّرَ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ: عَظَّمَ أَوْ نَصَرَ (صَاحِبَ بِدْعَةٍ): سَوَاءٌ كَانَ دَاعِيًا لَهَا أَمْ لَا. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كَأَنْ قَامَ وَصَدَّرَهُ فِي مَجْلِسٍ أَوْ خَدَمَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يُلْجِئُهُ إِلَى ذَلِكَ (فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الْإِسْلَامِ) أَيْ: إِسْلَامِهِ أَوْ كَمَالِ إِسْلَامِهِ أَوْ عَلَى هَدْمِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْإِسْلَامِ السُّنَّةُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ، فَإِذَا كَانَ حَالُ الْمُوَقِّرِ كَذَا، فَمَا حَالُ الْمُبْتَدِعِ؟ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ وَقَّرَ صَاحِبَ سُنَّةٍ كَانَ الْحُكْمُ بِخِلَافِهِ، وَكَذَا مَنْ أَهَانَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ يُخَالِفُ حُكْمَهُ. (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ مُرْسَلًا) . لِإِسْقَاطِ الصَّحَابِيِّ مِنَ السَّنَدِ.
1 / 271