223

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

ناشر

دار الفكر

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

١٤٣ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى) قِيلَ: وَمَنْ أَبَى؟ قَالَ: (مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى») رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
١٤٣ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ): عَلَى صِيغَةِ الْفَاعِلِ، وَقِيلَ: عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (إِلَّا مَنْ أَبَى) أَيِ امْتَنَعَ عَنْ قَبُولِ مَا جِئْتُ بِهِ.
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: إِنْ أُرِيدَ مِنَ الْأُمَّةِ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، وَإِنْ أُرِيدَ أُمَّةُ الدَّعْوَةِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ إِمَّا أُمَّةُ الدَّعْوَةِ فَالْآبِي هُوَ الْكَافِرُ، أَوْ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ فَالْآبِي هُوَ الْعَاصِي اسْتَثْنَاهُ زَجْرًا وَتَغْلِيظًا (قِيلَ: وَمَنْ أَبَى): هَذِهِ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ عَطْفُ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ أَيْ: عَرَفْنَا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَمَنِ الَّذِي أَبَى أَيِ الَّذِي أَبَى لَا نَعْرِفُهُ، وَحَقُّ الْجَوَابِ اخْتِصَارًا أَنْ يَقُولَ: مَنْ عَصَانِي فَعَدَلَ عَنْهُ ﷺ إِلَى مَا سَيَأْتِي لِإِرَادَةِ التَّفْصِيلِ.
قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى) . تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُمْ مَا عَرَفُوا هَذَا وَلَا ذَاكَ، أَوِ التَّقْدِيرُ: مَنْ أَطَاعَنِي وَتَمَسَّكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَزَالَ عَنِ الصَّوَابِ وَضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ فَقَدْ دَخَلَ النَّارَ، وَوَضَعَ أَبَى مَوْضِعَ هَذَا وَضْعًا لِلسَّبَبِ مَوْضِعَ الْمُسَبَّبِ، وَلِهَذَا أَوْرَدَ الْحَدِيثَ فِي بَابِ الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
١٤٤ - وَعَنْ جَابِرٍ ﵁ قَالَ: «جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ نَائِمٌ، فَقَالُوا إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ. فَقَالُوا: مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا، فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنَ الْمَأْدُبَةِ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الْمَأْدُبَةِ. فَقَالُوا: أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ.
فَقَالُوا: الدَّارُ الْجَنَّةُ، وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ، فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمُحَمَّدٌ فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
١٤٤ - (وَعَنْ جَابِرٍ): ﵁ (قَالَ: جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ)، أَيْ: جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ (إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ نَائِمٌ): الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ. قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: هَذَا الْحَدِيثُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حِكَايَةً سَمِعَهَا جَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَحَكَاهُ، وَأَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا عَمَّا شَاهَدَ هُوَ بِنَفْسِهِ وَانْكَشَفَ لَهُ. قَالَ مِيرَكُ شَاهْ: وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ مُتَعَيَّنٌ لِمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيَّ عَنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَيْضًا قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ يَوْمًا فَقَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ جِبْرِيلَ عِنْدَ رَأْسِي وَمِيكَائِيلَ عِنْدَ رِجْلِي " إِلَخْ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ مِنْ طَرِيقِ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْمِصْرِيِّ أَحَدِ الثِّقَاتِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ جَابِرٍ: هَذَا حَدِيثٌ مُرْسَلٌ؛ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ لَمْ يَدْرِكْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ. أَشَارَ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " إِلَى رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ تَعْلِيقًا، وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ إِسْنَادٍ أَصَحَّ مِنْ هَذَا. قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَوَسَّدَ فَخِذَهُ فَرَقَدَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، فَبَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ إِذْ أَنَا بِرِجَالٍ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَهُمْ مِنَ الْجَمَالِ، فَجَلَسَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ رَأْسِ النَّبِيِّ ﷺ وَطَائِفَةً مِنْهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ ثُمَّ قَالَ: هَذَا صَحِيحٌ اهـ. قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ: وَوَصْفُ التِّرْمِذِيِّ لِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ يُرِيدُ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ سَعِيدٍ وَجَابِرٍ، وَقَدِ اعْتَضَدَ هَذَا الْمُنْقَطِعُ بِحَدِيثِ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ يَعْنِي الْآتِي فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي. قَالَ: وَهُوَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ، وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ أَيْضًا وَصَحَّحَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ اهـ كَلَامُ مِيرَكِ شَاهْ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. (فَقَالُوا)، أَيْ: بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ لِبَعْضٍ (إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ)، أَيْ: لِمُحَمَّدٍ (هَذَا): إِشَارَةٌ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَالْمُخَاطَبُ بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ (مَثَلًا): بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ صِفَةُ كَمَالٍ تَبْهَرُ الْعُقُولَ، إِذِ الْمَثَلُ هُوَ الصِّفَةُ الْعَجِيبَةُ الشَّأْنِ (فَاضْرِبُوا)، أَيْ: بَيِّنُوا وَاجْعَلُوا (لَهُ مَثَلًا)، أَيْ: تَمْثِيلًا وَتَصْوِيرًا لِلْمَعْنَى الْمَعْقُولِ فِي صُورَةِ الْأَمْرِ الْمَحْسُوسِ لِيَكُونَ أَوْقَعَ تَأْثِيرًا فِي النُّفُوسِ (قَالَ): بِغَيْرِ الْفَاءِ (بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ)، أَيْ: فَلَا يَسْمَعُ فَلَا يُفِيدُ ضَرْبُ الْمَقَالِ شَيْئًا (وَقَالَ بَعْضُهُمْ): وَهُمُ الْأَكْمَلُونَ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِهِ مَا لَمْ يَعْرِفْهُ

1 / 225