171

مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان

مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر¶ من حوادث الزمان

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

باطيب من أراد أن عزة موهنا ... إذا أوقدت بالمندل الرطب نارها
فقال كثير نعم. فقالت: لو وضع المندل الرطب على هذه الروثة لطيب ريحها هلا قلت كما قال امرؤ القيس؟.
ألم تراني كلما جئت زائرًا ... وجدت بها طيبًا وإن لم تطيب
فناولها المطرف، وقال أشتري على هذا قالت، وقوله نعم بعد قولها: الست القائل؟ فما روضة البيتين صوابه أن يقول بلى، كقوله ﷿: " ألست بربكم قالوا بلى " - الأعراف: ١٧٢ - ولو قالوا نعم لكان كفرًا، لأنه تقرير للنفي والحثحاث بالحاء المهملة والراء والثاء المثلثة مكررتين: نبت طيب الرائحه والعرار بالعين المهملة والراء المكررة: بهار البر، وهو طيب أيضًا وإليه أشار الشاعر في قوله:
تمتع من شميم عرارنجد ... فما بعد العشية من عرار
وكان كثير ينسب إلى الحمق، ويروى أنه دخل يومًا على يزيد بن عبد الملك، فقال يا أمير المؤمتين ما يعني الشماخ بقوله:
إذ الأرطا توسدا برديه ... خدود جواري بالرمل عين
فاقال يزيد: ما يضرني أن لا أعرف ما عنى هذا الأعرابي الجلف واستحمقه وأمربإخراجه ودخل كثير على عبد العزيز بن مروان والد عمر يعود في مرضه، وأهله يتمنون أن يضحك، وهو يومئذ أمير مصر، فلما وقف عليه قال: لولا أن سرورك لا يتم بأن تسلم واسقم لدعوت ربي أن يصرف ما بك إلي، ولكني أسأل الله ﷿ لك العافية، ولي في كنفك النعمة، فضحك عبد العزيز، وأنشد كثير:
ونعود سيدنا وسيد غيرنا ... ليت التشكي كان بالعواد
لوكان يقبل فديتي لفديته ... بالمصطفى من طارقي وتلادي
قلت يعني بقوله المصطفى إلى آخر البيت: الذي يختاره من المال الحادث والقديم. ومما يستجاد من شعركثير: قصيدته النائية التي يقول من جملتها:
وإني وتهيامي لعزة بعدما ... تسليت من وجد بها وتسلت
لك المرتجى ظل الغمامة كلما ... تبوأ منها للمقيل اضمحلت
وكان كثير بمصر وعزة بالمدينة، فاشتاق إليها، فسافر للاجتماع بها، فلقيها في الطريق

1 / 177