واذكر قول الشاعر القديم:
إذا لم تستطع شيئا فدعه
وجاوزه إلى ما تستطيع
وكان بعض حكماء الروم يقول: إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون.
جعلت فداك، إن الله لم يعصم أحدا من الخطأ، ولم ينزه أحدا من الزلل، وإنما وهب الناس عقلا يحسن مرة، ويسيء أخرى، ويخطئ حينا، ويصيب حينا، وجعل من الناس على الناس رقباء يدلونهم على مواضع الخطأ، ومواطن الزلل.
ولست بخير من عمر، وقد قال عمر للناس: من رأى منكم في اعوجاجا فليقومه! فقال له قائلهم: لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا!
وقد لام اللائمون عثمان، فقبل اللوم، واعتذر من الخطأ، وتاب إلى الله من السيئات. فما أنت بخير من عمر، وما أنت بخير من عثمان، وما أنت بخير من رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وقد رضي أن ينصف من نفسه.
فأنصف من نفسك إذن، ولا تكلفها ما لا تطيق، وضعها حيث وضعها الله، وحيث وضعها أمير المؤمنين، واذكر أنك لم تكن أمس شيئا فأصبحت اليوم بفضل أمير المؤمنين شيئا مذكورا.
فاشكر لله نعمته عليك، ولأمير المؤمنين يده عندك. وخير شكر لله أن تذيع في الناس العدل، وتشيع فيهم الخير، وخير شكر لأمير المؤمنين أن تشعر الناس بحبه لهم، ورفقه بهم، وأنهم عنده سواء.
نامعلوم صفحہ