تبعني إلى حجرتي بعد الإفطار. جلس على كرسي أمامي مباشرة وهو يقول: يخيل إلي أنني سأسافر إلى الكويت قريبا، أفتاني المرحوم بذلك. - المرحوم؟ - سرحان البحيري.
وضحك ضحكة قصيرة ثم قال بلا مناسبة ظاهرة على الأقل: أراد أن يقنعني بالثورة بمنطق غريب.
نظرت إليه متسائلا فقال: أكد لي أنه لا بديل للثورة إلا واحد من اثنين .. الشيوعيين أو الإخوان. فظن أنه دفعني إلى ركن مسدود.
فقلت بإيمان: ولكن ذلك هو الحق.
ضحك ساخرا ثم قال: بل يوجد بديل ثالث. - ما هو؟ - أمريكا!
هتفت بغيظ: أمريكا تحكمنا؟
فقال بهدوء حالم: عن طريق يمينيين معقولين، لم لا؟
ضقت بأحلامه فقلت: اذهب إلى الكويت قبل أن تجن. •••
ها هي الصحف تحمل إلينا أنباء الجريمة. إنها تترادف غريبة ومتناقضة. لقد اعترف منصور باهي بالقتل، ولكنه لم يقنع أحدا بالباعث عليه. قال إنه قتل سرحان البحيري لأنه - في نظره - يستحق القتل. ولماذا يستحق سرحان البحيري القتل؟ لصفات وتصرفات هي مرذولة في ذاتها، ولكنها ليست بقاصرة عليه، فلم اختاره بالذات؟ بمحض الصدفة، وكان من المحتمل أن يختار غيره. هكذا أجاب. من ذا الذي يقتنع بذلك الكلام؟ أيكون الفتى مجنونا؟! هل يدعي الجنون؟
وإذا بتقرير الطبيب الشرعي يؤكد أن الوفاة نتجت عن قطع شرايين رسغ اليد اليسرى بموسى حلاقة، وليس بضرب الحذاء كما اعترف القاتل، وبذلك رجح أن تكون الوفاة نتيجة انتحار لا قتل.
نامعلوم صفحہ