157

منحة الباري بشرح صحيح البخاري

منحة الباري بشرح صحيح البخاري المسمى «تحفة الباري»

ایڈیٹر

سليمان بن دريع العازمي

ناشر

مكتبة الرشد للنشر والتوزيع

ایڈیشن

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

پبلشر کا مقام

الرياض - المملكة العربية السعودية

اصناف

محلَّ العلمِ الحادثِ القلبُ، وهو ما دلَّ عليه السمع، وإنْ جازَ عندَ أهلِ السنَّةِ أن يخلقَه الله تعالى في أيِّ جوهرٍ أراد. (﴿كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾) [البقرة: ٢٢٥] أي: عزمتْ عليه، ففيه: المؤاخذة بما يستقرُّ مِنْ فِعلِ القلبِ، بخلافِ ما لا يستقرُّ، وعليهِ حملَ خبر "إن الله تجاوزَ عنْ أمتي ما حدَّثتْ به أنفسُها ما لم تتكلَّمْ بهِ أو تعملْ".
٢٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَمَرَهُمْ، أَمَرَهُمْ مِنَ الأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ، قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: "إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا".
[فتح: ١/ ٧٠]
(حدثنا محمد بن سَلام) بالتخفبفِ أكثرُ منَ التشديدِ، ابن الفرجِ السلميُّ. (قال: أخبرنَا) في نسخةِ: "حدثنا". (عبدة) بسكونِ الباءِ، هو لقبه، واسمهُ: عبدُ الرحمنِ بنُ سليمانَ الكوفيُّ.
(بما) في نسخةِ: "ما" (يطيقون) أي: الدوامَ عليهِ. (كهيئتك) أي: كحالتِكَ، وليسَ المرادُ نفيَ تشبيهِ ذواتِهِم ﷺ فلَا بدَّ من تأويل في أحدِ الطرفينِ أي: ليست ذواتنا كهيئتِكَ، أو لسنا كمثلِكَ، أَي: كذاتِكَ، وزيدَ لفظُ الهيئةِ للتأكيدِ، نحوَ: مثلُكَ لا يبخل.
ومرادهُمْ بهذا الكلامِ: طلبُ الإذنِ في الزيادة من العبادةِ، والرغبةُ في الخيرِ، كأنهم يقولونَ: أنتَ مغفورٌ لكَ لا تحتاجُ إلى عملٍ، ومعَ ذلكَ أنتَ مواظبٌ على الأعمالِ، فكيفَ بنا وذنوبُنا كثيرةٌ، فردَّ عليهم وقالَ: أنا أولى بالعملِ لأنِّي أعلمُكُمْ وأخشاكُم لله، كما ذكرَهُ بعدُ (قد غفرَ لكَ ما تقدَّمَ من ذنبكَ وما تأخرَ) قيلَ: معنى الغفرانِ له مع أنَّهُ معصومٌ غفرانُ الذنبِ الذي قبلَ النبوة، أو تركُ الأولى، أو نُسِبَ إليهِ

1 / 162