============================================================
7) منهاج القاصدين وشفيد الصادقين ولا يطلبه ليعمل به، العلم فوق رؤوسكم، والعمل تحت أقدامكم، فلا أحرار كرام، ولا عبيد أتقياء.
وقال بعض السلف: أشد الناس تدامة عند الموت؛ عالم مفرط.
وكتب حكيم إلى حكيم: إنك قد أوتيت علما فلا ثدنس علمك بظلمة الذنوب، فتبقى في الظلمة يوم يسعى أهل العلم بنور علمهم وقال سفيان بن غيينة: العلم يضرك إن لم ينفعك. وهذا صحيح، فإنه يزيد في الحجة على صاحبه، فالعالم الذي لا يعمل به أشد عذابا من الجاهل: واعلم أن المأخوذ على العالم أن يقوم بالأوامر والنواهي، وليس عليه أن يكون زاهدا ولا معرضا عن المباحات، إلا أنه ينبغي له أن يتقلل من الدنيا مهما استطاع، فإن دليل الفعل آكد من دليل القول؛ لأن من ذم الدنيا واستوعب مباحها لم تفهم العامة عنه ما ذم، على أنه إذا تحقق علمه قنع باليسير من الدنيا ودخل في جملة الزهاد عملا بالفضائل ومزاحمة على المناقب، إلا أنه ليس كل جسم يقبل التقلل، ولا يطيق خشونة العيش.
ومن الغلط إنكار الجهال على العالم إذا رفق بنفسه في مطعمه وملبسه خصوصا عند كبر السن، فقد كان الحسن البصري كثيرا ما يأكل اللحم، فيقال له، فيقول: نعم لا صحناه(1) فرقد، ولا رغيفي مالك. ولبس يوما ثوبا جيدا فجعل فرقد يلمسه ويتعجب، وكان على فرقد كساء فقال له الحسن: أما بلغك أن أكثر أهل النار أصحاب الأكسية. يشير إلى الرهبان.
وكان سفيان الثورى حسن المطعم، وقال: إن الدابة إذا لم تحسن إليها في علفها لم تعمل وقد كان الإمام أحمد بن حنبل يصبر من خشونة العيش على آمر عظيم، فالطباع تتفاوت، فإياك أن ثنكر على العالم مباحا استعمله، كما أنكر حاتم الأصم (1) الصحناة: إدام يتخذ من السمك الصغار مشه مصلح للمعدة. القاموس المحيط: (صحن).
صفحہ 68