منهاج المتقين في علم الكلام
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
اصناف
وشبهتهم من جهة العقل هي أن حكمهم كحكم آبائهم في الدنيا في السبي والاسترقاق والمنع من الدفن في مقابر المسلمين، فكذلك في الآخرة.
والجواب: يمنع الجامع وبالمعارضة بكونهم لا يقطعون بسرقة آبائهم ولا يجلدون بزناهم ولا يقادون بقتلهم، والتحقيق أنه إنما فعل بهم ذلك في الدنيا على طريق المحنة كالأمراض التي تصيبهم عبرة لآبائهم وزجزا لهم عن الكفر، ولهم في مقابلة ذلك من الأعواض ما يوفى عليه.
قالوا: يجب أن يكون العقاب على أبلغ الوجوه وأبلغ الوجوه أن يرى قرة عينه تعذب.
والجواب: لا نسلم أنه يقع على أبلغ الوجوه؛ لأن المعاقب يستحق قدرا من العقاب في كل وقت، ولا يصح الزيادة عليه، ولهذا يكن عذاب الجاحد للربوبية أعظم من عذاب الجاحد للنبوة.
وبعد، فيجب أن يعذب الأنبياء والمؤمنون بذنوب آبائهم؛ لأن ذلك أبلغ في غم آبائهم.
وبعد، فكل في الآخرة مشغول بنفسه كما حكى الله تعالى.
وشبهتهم من جهة السمع ما رووه عن خديجة أنها سألت النبي عليه السلام عن أطفال كانوا لها في الجاهلية، فقال: لو شئت لأسمعتك صغارهم في النار.
والجواب: لا نسلم صحة هذا الخبر عنه عليه السلام وإن صح فأحادي.
وبعد، فهو معارض بدلالة العقل ومحكم القرآن، وبقوله عليه السلام: ((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستقض، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم)).
وفي الحديث أنه عليه السلام سئل عن أولاد المشركين، فقال: هم خدم أهل الجنة، والمروي أنه عليه السلام نهى في بعض الغزوات عن قتل الأطفال، فقيل: أو ليسوا أولاد المشركين؟ قال: أوليس أحباركم أولاد المشركين يعي نفسه كل نسمة تولد على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها إما شاكرا وإما كفورا.
وبعد، فالطفل قد يستعمل في البالغ لقريب عهده بالطفولة كما قال:
عرضت لعامر والخيل تردي .... بأطفال الحروب مشمرات
/222/
صفحہ 336