291

منهاج المتقين في علم الكلام

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

فصل في ذكر بعض ما جرى من المناظرات

اجتمع أبو العتاهية وثمامة عند المأمون فرفع أبو العتايهة يده مناظرا لثمامة قال: من رفع يدي فقال ثمامة من أمه زانية. قال: شتمني يا أمير المؤمنين. قال ثمامة: تركت مذهبك، فانقطع.

اجتمع عدلي ومجبر فقال العدلي: أليس بعث الله موسى وهارون إلى فرعون، وقال: {وقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى}، قال: بلى قال: أبعثه ليغير خلق الله أو فعل فرعون إن قلت بالأول فكيف يقدر موسى على التغيير ويقدر فرعون على الإجابة وما معنى قوله: {لعله يتذكر أو يخشى}، وإن قلت بالثاني تركت مذهبك. وقال عدلي لمجبر: أليس الله يقول: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا}، فأخبرني هل الوعد أن كلاهما من الله أو أحدهما من الشيطان فانقطع المجبر.

وناظر مجبر عدليا، فقال العدلي: لا أدري ما يقول، غير أن الله يقول: {كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله} فلا بد أن يكون الذي أوقدها غير الذي أطفأها.

وقيل لأبي الهذيل من جمع بني الزاني والزانية؟ فقال: أما أهل البصر فيسمونه قوادا وأظن أهل بغداد لا يخالفونهم، فسكت السائل. وقال أبو الهذيل لحفص: هل شيء غير الله وغير ما خلق، فقال: لا، فقال: فعذب الله الكافر على أنه الله أو على أنه خلق، فقال: لا على واحد منهما، فقال: فعلام؟ قال: على أنه عصى، قال: فكونه عصى قسم ثالث، قال: لا ، فأعاد السؤال، فانقطع وكان النظام حاضرا فلقن حفصا حجته فقال: قل لأنه اكتسبها، فقال ذلك فقال: هل الكسب شيء غير الله وغير ما خلق؟ قال: لا، فأعاد السؤال، فانقطع.

وقيل لأبي يعقوب المجبر: من خلق المعاصي؟ قال: الله، قيل: فلم عذب عليها؟ قال: لا أدري.

وروي أنه أتى بعض الولاة بطراز أحول العين وعنده عدلي ومجبر، فقال للمجبر: ما ترى يفعل فيه؟ فقال: يضربه خمسة عشر سوطا، فقال للعدلي: ما تشير؟ فقال: نضربه ثلاثين سوطا، خمسة عشر لكونه طرازا، وخمسة عشر لكونه أحول العين، فقال المجبر: أتضربه على الحول ولا صنع له فيه، قال: نعم، إذا كانا جميعا من فعل الله تعالى فالحول والطر سواء، فانقطع المجبر.

صفحہ 297