273

منهاج المتقين في علم الكلام

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

القول في أن الله تعالى عدل حكيم

ذهب أهل الحق إلى أنه تعالى عدل حكيم، ولم يسمع عن أحد من أهل الجبر هذا القول ولا ذكرت هذه المسألة في شيء من كتبهم الكلامية، وإن كانوا لو سئلوا عن ذلك /182/ لما وسعهم إنكاره.

نعم قد وافقوا في المنع من إطلاق القول بأنه تعالى ظالم جائر وفاعل للقبيح، وأثبتوا المعنى وأفاقوا إليه كل قبيح وجعلوا يحتالون للمنع من إطلاق العبارة بما لا محصول له ولا طائل فيه.

لنا أنا نعلم بالضرورة في الشاهد أن من كان عالما بقبح القبيح وغنيا عن فعله وعالما باستغنائه عنه فإنه لا يفعله ولا علة لكونه لا يفعله، وهذه ثلاثة أصول.

أما أنه لا علة لكونه لا يفعله إلا اجتماع هذه الأوصاف، فلأن العلم بذلك يدور مع العلم باجتماعها ثبوتا وانتفاء، ولو كان المؤثر غيرها لجاز أن يفعل أحدنا القبيح مع اجتماعها، وأن يستمر الحال في أن لا يفعله مع زوالها أو بعضها، وخلافه معلوم، ألا ترى أن الظلمة لا يغصبون الأموال إلا لاعتقادهم أنهم يحتاجون إليها أو لجهلهم بكون ذلك ظلما إما بأن يعتقدون أن المغصوب عليه يستحق أن يغصب عليه أو بأنهم يدفعون بذلك ضررا عن الرعية ويدخرونه لما ينوب الجميع.

يزيده وضوحا: أن العاقل لو خير فيما أتيح له الإخبار عنه بين أن يصدق ويأخذ درهما وبين أن يكذب ويأخذ درهما مثله، فإنه يختار الصدق لا محالة.

صفحہ 278