منهاج المتقين في علم الكلام
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
اصناف
والجواب: إنما يلزم فيمن ليس بساه ولا غافل أن يكون عالما، فإما أن يكون مريدا فلا يلزم لأنهما يضادان العلم ولا يضادان الإرادة ولو ضادها لم يكن انتفائهما دليلا على ثبوتهما إلا إذا لم يجز خلو الذات عن الصفة وضدها وقد بينا جوازه.
يوضحه: أنه تعالى غير ساه عن نفسه ولا غافل ولا يكون مريدا لها.
فصل
وإذا ثبت أنه تعالى مريد بإرادة محدثة فهي إنما توجد لا في محل لأنه تعالى يستحيل أن يكون محلا للأعراض ويستحيل أن يوجب له الإرادة وهي حالة في غيره من حي أو جماد.
أما الجماد فيستحيل وجود الإرادة فيه رأسا، وأما الحي فلأنها متى وجدت فيه كانت بأن يوجب له أولى من القديم تعالى، فلم يبق إلا أن يكون لا في محل وليس في ذلك إلا تشنيع من يشنع بأنه كيف يوجد عرض لا في محل، والأصل في مثل هذا أن وجود الشيء إذا كان بالدلالة فكيفية وجوده يتبع الدلالة.
ولهذا منعنا المشبهة أن يقيسوا كيفية وجوده تعالى على كيفية وجود الأجسام والأعراض.
وقلنا لهم: طريق ذلك الأدلة لا الاعتماد على مجرد الوجود، فإذا كان الطريق إلى إرادة الباري الدلالة فكذلك كيفية وجودها، فإذا منع الدليل من أن يكون حاله في الباري تعالى أو في غيره ثبت أنها لا في محل، وقياس بعض الأعراض على بعض في كيفية الوجود لا يصح كما لا يصح في كيفية الإيجاب، فإن بعضها يوجب للجملة وبعضها يوجب للمحل، ولولا قيام الدلالة على أن ما عدا إرادة الباري وكراهته والفناء لا يوجد إلا في محل لجوزنا وجوده لا في محل.
فإن قال: كيف يختص بالباري تعالى وقد وجدت لا في محل، وحالها مع جميع الأحياء على سواء.
صفحہ 197