208

شرح النووي على صحيح مسلم

شرح النووي على صحيح مسلم

ناشر

دار إحياء التراث العربي

ایڈیشن

الثانية

اشاعت کا سال

١٣٩٢

پبلشر کا مقام

بيروت

أَمْ لَا هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْأَنْمَاطِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يُزَكَّى الأولاد بحول الأمات الا أن يبقى من الأمات نصاب وقال بعض أصحابنا الا أن يَبْقَى مِنَ الْأُمَّهَاتِ شَيْءٌ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا مَاتَ مُعْظَمُ الْكِبَارِ وَحَدَثَتْ صِغَارٌ فَحَالَ حَوْلُ الْكِبَارِ عَلَى بَقِيَّتِهَا وَعَلَى الصِّغَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا رِوَايَةُ عِقَالًا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِيهَا فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِقَالِ زَكَاةُ عَامٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ بِذَلِكَ وَهَذَا قَوْلُ النَّسَائِيِّ وَالنَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَالْمُبَرِّدِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنَّ الْعِقَالَ يُطْلَقُ عَلَى زَكَاةِ الْعَامِ بِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ الْعَدَّاءِ سَعَى عِقَالًا فَلَمْ يَتْرُكْ لَنَا سَبْدًا ... فَكَيْفَ لَوْ قَدْ سَعَى عَمْرٌو عِقَالَيْنِ ...
(أَرَادَ مُدَّةَ عِقَالٍ فَنَصَبَهُ عَلَى الظَّرْفِ وَعَمْرٌو هَذَا السَّاعِي هُوَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَلَّاهُ عَمُّهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ ﵄ صَدَقَاتِ كَلْبٍ فَقَالَ فِيهِ قَائِلُهُمْ ذَلِكَ قَالُوا وَلِأَنَّ الْعِقَالَ الَّذِي هُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ فِي الزَّكَاةِ فَلَا يَجُوزُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ وَذَهَبَ كَثِيرُونَ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِقَالِ الْحَبْلُ الَّذِي يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ وَهَذَا الْقَوْلُ يُحْكَى عَنْ مَالِكٍ وبن أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ التَّحْرِيرِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ حُذَّاقِ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ قَوْلُ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ صَدَقَةُ عَامٍ تَعَسُّفٌ وَذَهَابٌ عَنْ طَرِيقَةِ الْعَرَبِ لِأَنَّ الْكَلَامَ خَرَجَ مَخْرَجَ التَّضْيِيقِ وَالتَّشْدِيدِ وَالْمُبَالَغَةِ فَتَقْتَضِي قِلَّةَ مَا عَلَّقَ بِهِ الْقِتَالَ وَحَقَارَتَهُ وَإِذَا حُمِلَ عَلَى صَدَقَةِ الْعَامِ لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْمَعْنَى قَالَ وَلَسْتُ أُشَبِّهُ هَذَا إِلَّا بِتَعَسُّفِ مَنْ قَالَ فِي قَوْلِهِ ﷺ لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ إِنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْضَةِ بَيْضَةُ الْحَدِيدِ الَّتِي يُغَطَّى بِهَا الرَّأْسُ فِي الْحَرْبِ وَبِالْحَبْلِ الْوَاحِدِ مِنْ حِبَالِ السَّفِينَةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ يَبْلُغُ دَنَانِيرَ كَثِيرَةً قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُ اللُّغَةَ وَمَخَارِجَ كَلَامِ الْعَرَبِ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَوْضِعُ تَكْثِيرٍ لِمَا يَسْرِقُهُ فَيَصْرِفَ إليه بيضة تساوى دنانير وحبل لَا يَقْدِرُ السَّارِقُ عَلَى حَمْلِهِ وَلَيْسَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ أَنْ يَقُولُوا قَبَّحَ اللَّهُ فُلَانًا عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلضَّرْبِ فِي عِقْدِ جَوْهَرٍ وَتَعَرَّضَ لِعُقُوبَةِ الْغُلُولِ فِي جِرَابِ مِسْكٍ وَإِنَّمَا الْعَادَةُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يُقَالَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَرَّضَ لِقَطْعِ الْيَدِ فِي حَبْلٍ رَثٍّ أَوْ فِي كُبَّةِ شَعْرٍ وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا أَحْقَرَ كَانَ أَبْلَغَ فَالصَّحِيحُ هُنَا أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْعِقَالَ الَّذِي يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ وَلَمْ يُرِدْ)

1 / 208