198

شرح النووي على صحيح مسلم

شرح النووي على صحيح مسلم

ناشر

دار إحياء التراث العربي

ایڈیشن

الثانية

اشاعت کا سال

١٣٩٢

پبلشر کا مقام

بيروت

أَظْهَرُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ لَيْسُوا بِمُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ والزكاة وتحريم الزنى وَنَحْوِهَا لِكَوْنِهِ ﷺ قَالَ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يُطِيعُوا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ ضَعِيفٌ فَإِنَّ الْمُرَادَ أَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ مُطَالَبُونَ بِالصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْمُطَالَبَةُ فِي الدُّنْيَا لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونُوا مُخَاطَبِينَ بِهَا يُزَادُ فِي عَذَابِهِمْ بِسَبَبِهَا فِي الْآخِرَةِ وَلِأَنَّهُ ﷺ رَتَّبَ ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَبَدَأَ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ أَلَا تَرَاهُ بَدَأَ ﷺ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الزَّكَاةِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّهُ يَصِيرُ مُكَلَّفًا بِالصَّلَاةِ دُونَ الزَّكَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ هَذَا قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ وَقِيلَ لَيْسُوا مُخَاطَبِينَ بِهَا وَقِيلَ مُخَاطَبُونَ بِالْمَنْهِيِّ دُونَ الْمَأْمُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ ﵀ هَذَا الَّذِي وَقَعَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ مِنْ ذِكْرِ بَعْضِ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ دُونَ بَعْضِ هُوَ مِنْ تَقْصِيرِ الرَّاوِي كَمَا بَيَّنَّاهُ فِيمَا سَبَقَ مِنْ نَظَائِرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قوله (فى الرواية الثانية حدثنا بن أَبِي عُمَرَ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَكَنَ مَكَّةَ وَفِيهَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ هُوَ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ صَاحِبُ الْمُسْنَدِ يُكَنَى أَبَا مُحَمَّدٍ قِيلَ اسْمُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَفِيهَا أَبُو عَاصِمٍ هُوَ النبيل الضحاك بن مخلد قوله (عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ مُعَاذًا) هَذَا اللَّفْظُ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَدِيثَ من مسند بن عَبَّاسٍ وَكَذَلِكَ الرِّوَايَةُ الَّتِي بَعْدَهُ وَأَمَّا الْأُولَى فَمِنْ مُسْنَدِ مُعَاذٍ وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنْ يكون بن عَبَّاسٍ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ مُعَاذٍ فَرَوَاهُ تَارَةً عَنْهُ مُتَّصِلًا وَتَارَةً أَرْسَلَهُ فَلَمْ يَذْكُرْ مُعَاذًا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ مُرْسَلَ الصَّحَابِيِّ إِذَا لَمْ يُعْرَفِ الْمَحْذُوفُ يَكُونُ حُجَّةً فَكَيْفَ وَقَدْ عَرَفْنَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ مُعَاذٌ ويحتمل ان بن عَبَّاسٍ سَمِعَهُ مِنْ مُعَاذٍ وَحَضَرَ الْقَضِيَّةَ فَتَارَةً رَوَاهَا بِلَا وَاسِطَةٍ لِحُضُورِهِ إِيَّاهَا وَتَارَةً رَوَاهَا عَنْ مُعَاذٍ إِمَّا لِنِسْيَانِهِ الْحُضُورَ وَإِمَّا لِمَعْنًى آخَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

1 / 198