منهاج البلغاء وسراج الأدباء
المعاني
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا ومولانا محمد.
قال الإمام الحافظ البليغ الحجة في مقام الأدب ومضماره حازم بن محمد القرطاجني.
أو منافرة لها (......) إلى (......) صحيح (......) .
المنهاج الأول في الإبانة عن ماهيات المعاني وأنحاء وجودها ومواقعها، و(ال) تعريف بضروب هيئاتها و(جهات) التصرف فيها وما تعتبر (به) أحوالها في جميع ذلك، من حيث تكون (ملائمة) للنفوس أو منافرة لها.
أ- معلم (دال) على طرق (العلم بالمعاني) وحقائقها وأنحاء (النظر) فيها (وبما ينبغي) أن تعتبر به أحوالها، من جهة ما يرجع إليها وما هو خارج (عنها) (......) هنالك موجودات خارج الذهن عن أمثلة لها وجود (......) وهي الهيئات النطقية.
لما كانت المعاني إنما (تتحصل) في الأذهان عن الأمور الموجودة في الأعيان وكانت تلك (المعاني) إنما تتحصل في الذهن بأعلام من العبارة توضع للدلالة (......) عن علم على صورة صورة منها، فتتمثل بحصول تلك الصورة في ال (......) الموجودة في الأعيان التي تلك الصور الحاصلة في الذهن (......) كانت تلك الصور الذهنية إنما يتخيل بها ما هي صور (......) (خارجة) عن الذهن (بوجه) مخصوص وترتيب مخصوص (......) تلك الصور الذهنية في الألفاظ إنما تدل على (......) .
(......) عليها هو الذي ران على قلوب شعراء المشرق المتأخرين (وأعمى) بصائرهم عن حقيقة الشعر منذ مائتي سنة. فلم يوجد فيهم على طول هذه المدة من نحا نحو الفحول ولا من ذهب مذاهبهم في تأصيل مبادئ الكلام وإحكام وضعه وانتقاء مواده التي يجب نحته منها. فخرجوا بذلك عن مهيع الشعر ودخلوا في محض التكلم. هذا على كثرة المبدعين المتقدمين في الرعيل الأول من قدمائهم والحلبة السابقة زمانا وإحسانا منهم.
المنهج الثاني في الإبانة عن طرق اجتلاب المعاني وكيفيات التئامها وبناء بعضها على بعض، وما تعتبر به أحوالها في جميع ذلك، من حيث تكون ملائمة للنفوس أو منافرة لها.
ب- معلم علة طرق العلم باقتباس المعاني وكيفية اجتلابها وتأليف بعضها إلى بعض
يحب على من أراد جودة التصرف في المعاني وحسن المذهب في اجتلابها والحذق بتأليف بعضها إلى بعض أن يعرف أن للشعراء أغراضا أول هي الباعثة على قول الشعر. وهي أمور تحدث عنها تأثرات وانفعالات للنفوس، لكون تلك الأمور مما يناسبها ويبسطها أو ينافرها ويقبضها أو لاجتماع البسط والقبض والمناسبة والمنافرة في الأمر من وجهين. فالأمر قد (يبسط) النفس ويؤنسها بالمسرة والرجاء ويقبضها بالكآبة والخوف. وقد يبسطها أيضًا بالاستغراب لما يقع فيه من اتفاق بديع. وقد يقبضها ويوحشها بصيرورة الأمر من مبدإ سار إلى مآل غير سار. وإذا ارتيح للأمر من جهة واكترث له من جهة على نحو ما (......) جرى مجرى ذلك كانت أقوالا شاجية.
١- إضاءة: والارتياح للأمر السار إذا كان صادرا عن قاصد لذلك أرضى فحرك إلى المدح. والارتماض للأمر الضار إذا كان صادرا عن قاصد لذلك أغضب فحرك إلى الذم. وتحرك الأمور غير المصودة أيضا، من جهة ما تناسب النفس وتسرها ومن جهة ما تنافرها وتضرها، إلى نزاع إليها أو نزوع عنها وحمد وذم أيضا. وإذا كان الارتياح لسار مستقبل فهو رجاء. وإذا كان الارتماض لضار مستقبل كانت تلك رهبة. وإذا كان الارتماض لانقطاع أمل في شيء كان يؤمل، فإن نحي في ذلك منحى التصبر والتجمل سمي تأسيا أو تسليا، وإن نحي به منحى الجزع والاكتراث سمي تأسفا أو تندما. ويسمى استدفاع المخوف المستقبل استلطافا. وإذا استدفع المتكلم ذلك فأسعف به وضمن وصف الحال في ذلك كلاما سمي إعتابا. والتعزير على الأمر المرتمض منه والملامة فيه تسمى معاتبة. فإن كان الارتياح لأمر شأنه أن يسر محضره إلا أنه يكون بعيدا من المتكلم، من جهة زمان ماض أو مستقبل أو مكان أو إمكان، حرك ذلك إلى الاستراحة لذكره والتشوف إليه، فتكون الأقوال في الأشياء التي علقتها بأغراض النفوس على هذا النحو متنوعة إلى فنون كثيرة نحو التشوقيات والإخوانيات وما جرى مجرى ذلك.
1 / 1