247

Manhaj al-Talibin wa-Balag al-Raghibin

منهج الطالبين وبلاغ الراغبين

وأما الذي يجوز فيه التقليد للعالم الأمين، فهو كل ما يسع جهله مما تعبد الله عباده، ما لم ينص عليه في كتاب نصا ظاهرا يدل على مراده، ولم ينصب عليه دليلا من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع من الأمة، ورد الحكم فيه إلى العلماء المستنبطين؛ ليجتهدوا في استخراج الحكم به. نحو أروش الجراحات، ومتعة المطلقات اللاتي لم يفرض لهن الصدقات؛ إذا وقع الطلاق قبل الدخول بهن وغير ذلك من مسائل الأحكام، والنوازل، فهذا مما يجوز التقليد فيه من الدين، وما كان مثله مما كان طريقه طرق السمع، ويرجع فيه إلى قول أهل العلم؛ لعدم الدليل على حكمه.

ولا يجوز التقليد عند وجود الدليل من الكتاب، أو السنة، أو الأجماع، أو حجة العقل؛ لأنه لا معني للتقليد هناك؛ لأن حقيقة التقليد: هو قبول القائل بغير دليل، ولا برهان.

روي أن رجلا خرج سائحا لله تعالي؛ حتى دخل بيت المقدس، فوجد رجلا يصلي في المسجد، فلما فرغ قال له: السلام عليكم، ورحمة الله وبركاته، فرد فقال: السلام على أهل اليقين، والتسليم، والإسلام، اجلس؛ فلما جلس، واطمأن، قال له: أعبد أنت أم حر؟ فقال: بل حر، فقال له: من أعتقك؟ فأطرق المسئول مليا؛ يفكر في جوابه، ثم قال: لا بل عبد فقال: من استعبدك، فقال له المسئول: الله استعبدني، وهو معبودي، والعبادة طاعة الله.

فقال له: أخبرني عن الله الذي استعبدك؛ اسم هو أم صفة، أم فعل، أم معني؟ قال: اسم قال: اسم لمن؟ قال: لله تعالي، فقال: فأي الإهلين تعبد؟ الاسم أم المسمي؟، فانقطع المسئول، فتحير في جوابه، فقال له المصلي:

صفحہ 250