فمن تأمل هذه القاعدة الشرعية والمباحث الدينية حق التأمل، وأعطاها حقها من الإمعان والنظر، وتأمل ما ذكره شيخ الإسلام _رحمه الله تعالى_ تبين له أن أهل العلم بكتاب الله وسنة رسوله وشرعه ودينه وما كان عليه سلف الأمة وأئمتها سلفا وخلفا في واد وهؤلاء الجهلة في واد آخر، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا في هذه المباحث إلى ركن وثيق من الفهم، وان اعتراضهم على طلبة العلم ومشايخ أهل الإسلام إنما هو بالجهل وعدم العلم والاطلاع على هذه المباحث الدينية، فمن أجل هذا تكلموا بغير حجة ولا برهان، ولا معرفة لما عليه أهل العلم والعرفان، فالله المستعان.
وقد عمّ الجهل، وعظمت الفتنة، واشتد البلاء بمن يتكلم في هذه المباحث الدينية فابتدعوا بدعا، وأحدثوا في الدين ما ليس منه، وشرعوا في الدين ما لم يأذن به الله، وهذا مصداق ما أخبر به النبي ﷺ كما في الحديث الصحيح عن ابن عمرو (١) مرفوعا:" إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بموت العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا " (٢) فنعوذ بالله من القول بغير علم، ونسأله العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
_________
(١) في الأصل "ابن عمر" والصحيح المثبت، فالحديث من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص.
(٢) أخرجه البخاري: (١/١٩٤)، ومسلم: (٤/٢٠٥٨) .
1 / 70