الحمد لله، وإن أتى الدهر بالخطب الفادح والحدثان الجليل وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
أما بعد: فإن المعصية تورث الحسرة وتعقب الندم، وقد كنت أمرتكم في هذين الرجلين _يعني: أبا موسى وعمرو بن العاص_ وفي هذه الحكومة أمري، ونحلتكم رأيي لو كان لقصير أمر (١) ! ولكن أبيتم إلا ما أردتم، فكنت أنا وأنتم كما قال أخو هوزان:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا (٢) الرشد إلا ضحى الغد
إلا أن هذين الرجلين الذين أخرجتموهما حكمين قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما، وأحييا ما أمات القرآن، واتّبع (٣) كل واحد منهما هواه بغير هدى من الله، فحكما بغير حجة بينه ولا سنة ماضية (٣)، واختلفا في حكمهما، وكلاهما لم يرشد، فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين. فاستعدوا وتأهبوا للمسير إلى الشام.
_________
(١) في الأصل "رأي" والمثبت من "منهاج التأسيس والتقديس": ص٣١. و"تاريخ الطبري": (٥/٧٧) .
(٢) في الأصل "يتبينوا" والتصحيح من المصدرين السابقين. والبيت لدريد بن الصّمّة، وبعده:
فلما عصوني كنت منهم وقد رأى
غوايتهم وأنّني غير مهتد
وما أنا إلا من غزيّة إن غوت
غويت وإن ترشد غزيّة أرشد (٣) في الأصل "فاتبع" "قاضية" والمثبت من المصدرين السابقين.
1 / 55