ومثله ما رواه البخاري عن سلمة بن الكوع أنه لما دخل على الحجاج، قال: يا ابن الأكوع ارتدتّ على عقبيك، تعربت؟ قال: لا، ولكن رسول الله ﷺ أذن لي في البدو (١) . انتهى.
وإذا كان المرتد بعد هجرته أعرابيا ملعونا من أجل خوف الجفا ونسيان العلم ولمصالح الإسلام والأعراب إذ ذاك أحسن حالا وأكمل عقولا؛ فكيف الحال بالأعراب الذين لم يتمكنوا من معرفة الدين ومعرفة شرائع الإسلام في هذه الأزمان؛ فهم أحق وأولى بهذه العقوبة.
وأما قول ابن الأثير: كل من رجع بعد هجرته إلى موضع من غير عذر يعدونه كالمرتد. فالمراد بهذه الردة: الردة الصغرى، التي لا تخرجه من الملة، بدليل ما تقدم من الأحاديث في الوعيد على من فعل ذلك باللعنة، وبما ذكره العماد ابن كثير في تفسيره على قوله تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾ (النساء:٣١) فقال: _رحمه الله_:
قال ابن أبي حاتم: ثنا احمد بن سنان، قال: ثنا أبو أحمد _يعني الزبيري_ ثنا علي بن صالح، عن عثمان بن المغيرة، عن مالك بن جرير، عن علي _رضي الله عنه_ قال:" الكبائر: الإشراك بالله، وقتل النفس، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، والفرار من الزحف، والتعرب بعد
_________
(١) أخرجه البخاري في كتاب الفتن من "صحيحه" _باب التعرب في الفتنة_ ومسلم في "صحيحه": (٣/١٤٨٦) كتاب الإمارة.
1 / 36