الشريعة والسنن، وأقام قائم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحُدَّت الحدود الشرعية، وعزرت التعازير الدينية، وانتصب علم الجهاد، وقاتل لإعلاء كلمة الله أهل الشرك والفساد، حتى سارت دعوته مسير الشمس في الآفاق، وثبت النصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وجمع الله القلوب بعد شتاتها، وتألفت بعد عداوتها، وصاروا بنعمته إخوانا، فأعطاهم الله بذلك من النصر والعز والظهور، ما لا يعرف مثله لسكان تلك الفيافي، والصخور، وفتح الله عليهم الإحساء والقطيف، وقهروا سائر العرب من عمان إلى عقبة مصر، ومن اليمن إلى العراق والشام، ودانت لهم عربها وأعطوا الزكاة، فأصبحت نجد تضرب إليها أكباد الإبل في طلب الدنيا والدين، وتفتخر بما نالها من العز والنصر والتمكين، كما قال عالم الإحسان وشيخها_ رحمه الله_:
لقد رفع المولى به رتبة الهدى ... بوقت به يعلو الضلال ويرفع
وجرت به نجد ذيول افتخارها ... وحق لها بالألمعي ترفع
فهذه هي حال أهل نجد حاضرتهم وباديتهم بعد ما دخلوا في دين الله وتركوا ما كانوا عليه قبل ذلك من الكفر بالله والإشراك به.
وقد حدثني رجل من أعراب أهل بيشة _وقد كان أدرك زمن الدرعية، ووفد مع من وفد إليها من قومه_ فذكر أنهم كانوا في طريقتهم إذا اجتمعوا بمن قدم من الدرعية من وفود الأعراب يسألونهم ما أفادهم به الشيخ
1 / 17