في سحر يوم الجمعة عند انفلاق الفجر أمر موسى بالبوق فنفخ، وهو أول من أحدث أبواق الصفر؛ وذلك أن عساكره شكوا إليه أنهم لا يشعرون بحركته فألهمه الله لأبواق الصفر، وقيل والجباجب أيضا، ثم سار موسى صلى الله عليه بهم واصطفوا بعد التوبة للقتال فثبتت أقدامهم، وانقلب العدو على أعقابهم مدبرين، فمنح الله أكتافهم، وغلب جند الله كما قال سبحانه: { وإن جندنا لهم الغالبون } [الصافات:173]. فلما دخل عليه السلام القرية انبعث إليه بلعام بن باعورا وهو دالع لسانه، قد ختم على فيه من الكلام وهو يلهث كما يلهث الكلب، والخلائق ينظرون كيف غير أمر الله فغير الله به. فأقام عبرة ومنظرة للعالمين أياما على حاله، ثم قضى عليه الموت فذكر الله ذلك لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال: { واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون } [الأعراف: 175].
قال القوم: فعلمنا أن الهادي رحمة الله عليه قد أزكن أن انقلابنا على أعقابنا تلك العشية كان لسوء فعلنا.
صفحہ 740