من النقل إلى الإبداع
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص
اصناف
ويتجاوز التراكم الفلسفي فلاسفة المغرب وحدهم، ابن باجه وابن طفيل وابن رشد إلى المشرق. فابن باجه تلميذ الفارابي، وابن طفيل تلميذ ابن سينا، وابن رشد محاور الغزالي سلبا في «التهافت» وإيجابا في «الضروري في أصول الفقه»، على عكس نعرة القطيعة المعرفية بين المشرق والمغرب التي يروج لها بعض المفكرين المغاربة المعاصرين تحت أثر الفكر الفرنسي والغرب الجغرافي من الغرب. ولا يهم الأشخاص والتركيز على عبقريتهم الفردية بل التراكم الفلسفي من المشرق إلى المغرب وبلورة الوعي التاريخي.
ويظهر الأسلوب العربي لديه مثل ضرب المثل بزيد وعمرو على الفعل العرضي، التقاء زيد وعمرو في الطريق. كما تظهر البيئة الإسلامية في البسملات والحمدلات والصلوات على الرسول خاتم النبيين. فالله هو الميسر والمعين، به العون والقوة. خلق الإنسان ولم يكن شيئا مذكورا، وألهم الحكمة. ابن باجه شيخ حكيم له ألقاب ووطنه ... مبدع غير مقلد رضي الله عنه. وقد يبلغ الإطراء عصره. فقد اطلع على أفق الحكمة، وأباد ظلمة الجهل، ونال غايتها، وأظهر محكمها، وبين متشابهها بلغة الأصوليين. قيل في مدحه الشعر، والمدح في ذاته إقلال من الإبداع في التاريخ ومصادرة عليه. فالمستقبل أكثر غنى من الماضي. ولا يتوقف التاريخ عند أحد.
5 (ب)
ويعيد ابن باجه في رسالته «في الفاعل القريب والفاعل البعيد وخلود العقل» موضوع الكندي، الفاعل القريب الحق والفاعل الذي هو بالمجاز. ويقول بخلود العقل الكلي قبل ابن رشد.
6
إذ لا تتمايز نفوس السعداء ولا تتكاثر بالعدد كما يقرر في رسالة «الاتصال». ويخلد العقل بفيض الصور العقلانية.
ومن الوافد لا يحيل إلا إلى كتاب «السماع» لإثبات أن الفاعل الأول هو الفاعل الحقيقي، وأن الفاعل القريب لا فعل له وكأن أرسطو قد تحول إلى صوفي مثل الغزالي في «المشكاة»، إعادة إنتاج الوافد لصالح الموروث.
7
ومن الموروث يتصدر الفارابي في «عيون المسائل» والغزالي في «المشكاة» وآية قرآنية واحدة. فقد صرح الفارابي بوجود نسبة بين الأشياء ومبدعها في الإدراك أو في الوجود أو في القيمة نظرا لاتفاق الوحي والعقل والطبيعة. وإذا كان الشر في الوجود ذا منفعة فإن الشر على الحقيقة لا وجود له في الترتيب الإلهي كما هو الحال عند المعتزلة. ويرجع إلى الفاعل الأول مثل الملك العادل المدح والذم. ويستشهد بقول الغزالي في أن الأول حظر جميع الفاعلين أن يفعلوا والمنفعلين أن ينفعلوا. ويستشهد بآية قرآنية
فتبارك الله أحسن الخالقين
نامعلوم صفحہ