من النقل إلى الإبداع
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث
اصناف
67
وفي المسألة السادسة يرد ابن سينا على الاعتراضات على أرسطو مخطئا إياها ومصوبا إياه على طول الخط تعصبا وتحزبا له، بل يعترف أحيانا بتقصير أرسطو، ويتعجب من صاحب المنطق، ويحترم ابن سينا المعترض ويدعو له بطول العمر دون سبه أو لعنه كما يحدث هذه الأيام. يحدد ابن سينا بدقة مكان الاعتراض، ويبين أنه أيضا قد وجه هذا الاعتراض من قبل إلى أرسطو، كما اعتذر عن ذلك المفسرون. وقال ثامسطيوس بضرورة تأويل قول أرسطو على أحسن وجه. وإن بداهة المعترض ونباهته في الرياضيات والهندسة قادرة على الإجابة على مثل هذه الاعتراضات.
68
أما المسائل الأربعة الأخرى، الثالثة والثامنة والتاسعة والعاشرة، فإن أرسطو مذكور فيها في الأجوبة وحدها دون الأسئلة، وكأن السؤال علمي والإجابة أرسطية؛ لأن أرسطو كان هو العلم في عصره. المسألة الثالثة سؤال عن كيفية إدراك البصر دون إدراك ما تحت الماء، وشعاع البصر ينعكس على الأجرام الصقيلة، وسطح الماء صقيل. والجواب عن ذلك أن الإبصار عند أرسطو ليس بخروج شعاع من العين، وكما ظهر ذلك عند المفسرين للمقالة الثانية من كتاب «النفس»، وكتاب «الحس»، وكما هو الحال عند أفلاطون. والحقيقة أنه لا فرق بين الاثنين؛ لأن قول أفلاطون عامي، في حين أن قول أرسطو علمي. وقد بين ذلك الفارابي في «الجمع بين رأيي الحكيمين». لا يشير السؤال إلى اليونان أو إلى التراكم الفلسفي للموروث، ولكن الجواب يشير إلى الوافد والموروث مع تحديد المواضع. ويكشف ابن سينا في رسائله عن مصادره، في حين أنه يصمت عنها في موسوعاته.
69
وفي المسألة الثامنة يستعمل ابن سينا فعل «زعم» لعرض أقوال المعترض عندما ينسب إلى أرسطو ما لم يقله، مثل جعل النار العنصر الذي يتكون منه العالم طبقا للتحقق من صحة الرواية، كما هو الحال في علم الحديث. قد يصدق الاعتراض على فلاسفة آخرين جعلوا الأسطقسات شيئا واحدا من الأربعة أو اثنين أو ثلاثة منها، مثل الماء عند طاليس، والنار عند هرقليطس، والجوهر بين الماء والهواء عند ديوجانس، والهواء عند أنكسمندريس.
70
والمسألة التاسعة مجرد استفسار عن تعريف أرسطو للضوء، وهو لون ذاتي للمشف من حيث هو مشف، وكما حده في المقالة الثانية من كتاب «النفس» في المقالة الأولى من كتاب «الحس».
71
والمسألة العاشرة يحيل فيها ابن سينا لمزيد من التفصيل إلى المفسرين في شروحهم على «الكون والفساد» و«الآثار العلوية» و«المقالة الثالثة» من «السماء»، ويعتمد عليهم، ويقتبس من أمثلتهم لتأييد قول أرسطو في الكون والتغير من جزئيات الطبيعة. ليس الشراح على خطأ دائم أو على صواب دائم، بل يخطئون ويصيبون.
نامعلوم صفحہ