من النقل إلى الإبداع
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
اصناف
21
كان يحفظ أقوال اليونانيين، ديموقراطيس وأرسطو وأفلاطون.
22
وتتلمذ على كبار المترجمين والمؤرخين للفلسفة اليونانية متى بن يونس ويحيى بن عدي؛ فقد حمل النصارى لواء الوافد مرتين في عصر الترجمة الأول في القرنين الثالث والرابع الهجريين، وفي عصر الترجمة الثاني منذ القرن الماضي وهذا القرن إبان النهضة العربية الحديثة. وكان هناك حرص على جمع المخطوطات اليونانية. وهذا لا يعني أن أبا سليمان كان يوناني الاتجاه، بل إنه كان يمهد الطريق لغيره لتوظيف الوافد لصالح الموروث، وإعداد علوم الوسائل من أجل تحقيق علوم الغايات، بإخلاص تام وتجرد عن الدنيا؛ فقد كان يعيش على الكفاف. وكان شاعرا بالإضافة إلى الفيلسوف ومؤرخ الفلسفة.
وكما تنقسم الحكمة إلى وافد وموروث ينقسم الوافد إلى فلسفة عامة وطب؛ أي إلى فلسفة وعلم. ويعبران عن رأيين في ظهور الفلسفة؛ الأول الرأي الشائع عند المؤرخين، يونان، ومسلمين، والثاني رأي يحيى النحوي الذي يرى أن الطب شامل للفلسفة والرياضيات والفلك والسياسة؛ فالفلسفة علمية بالضرورة، ولا توجد فلسفة خارج العلم.
23
لذلك ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام؛ الأول «أول من عرف بالحكمة»، وهو رأي الفلسفة العامة. والثاني «رأي آخر في ظهور الفلسفة من تاريخ الأطباء»، والثالث «يحيى النحوي»، صاحب الرأي الثاني نظرا لأهميته لأنه يروي عن أطباء العرب وهو ما يعادل الموروث. والرأي الثاني له الغلبة كما على الرأي الأول.
24
ويمكن القول أن حنين بن إسحاق كان أول المسلمين لتوظيفه الوافد لصالح الموروث، ويحيى النحوي كان آخر اليونانيين لتمثله للوافد. يحتوي الكتاب إذن على قسمين؛ الأول تاريخ الفلسفة يونان ومسلمين، والثاني تاريخ الطب، يونان فحسب. فأبو سليمان مؤلف ثان راو عن المؤلف الأول مما يدل على غلبة الوافد عن طريق الرواية. هناك إذن آراء متعددة في ظهور الفلسفة وليس رأيا واحدا مما يدل على أن كتابة التاريخ لا تخضع لمنظور واحد.
25
نامعلوم صفحہ