من النقل إلى الإبداع
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
اصناف
35
وأخيرا يدافع ابن خلدون عن القرآن والسنة والنسخ والرؤية الصحيحة والتوحيد والإيمان والصلاة وتعدد الخلق بالقرآن والسنة فيقع في الدور، وبالرغم من مقارنته القرآن بالنثر والنظم.
36
كما تتجلى الأشعرية في العبارات الإيمانية التي تتخلل «المقدمة» من أولها إلى آخرها، في وسط الباب أو الفصل وليس بالضرورة في أوله أو آخره حتى لقد تختلط بعض اللازمات مع القرآن المستعمل استعمالا حرا دون تنصيص. وتعبر هذه اللازمات عن أن الهداية والتوفيق والتأييد والعون من الله.
37
وكل مشيئة فبمشيئة الله، له الحكم والخلق والتقدير.
38
والله علام الغيوب، عليم بكل شيء. وهو أعلم بالصواب وبحقائق الأمور.
39
ربما أخذ ابن خلدون أكثر مما يستحق في عصرنا بسبب المغاربة أنصار الخصوصية والقطيعة، والماركسيين المشارقة وقراءتهم المادية الجدلية له، والمستشرقين الوضعيين الباحثين عن أصول الوضعية الاجتماعية عنده. مع أنه أشعري حتى النخاع، فقيه من الفقهاء ضد الفلسفة والعلم. ابن خلدون التاريخي ضد ابن خلدون المعاصر. وابن خلدون نفسه يفتح الطريق لأجيال قادمة لإكماله كما فعل ابن سينا في آخر كتاب الشعر من «الشفاء». يطالب بالغوص في المسائل، وتعيين موضوع العلم، وإكمال المتأخرين للمتقدمين، وكأنه يطالب بابن خلدون جديد يكمل المسار، ويأتي بعده بسبعة قرون كما أتى هو بعد نشأة الحضارة الإسلامية بسبعة قرون. يؤرخ للنهضة كما أرخ هو للانهيار. وإذا كان ابن خلدون القديم قد كتب المقدمة في خمسة شهور، فإن ابن خلدون الجديد قد يعيد كتابتها في العمر كله لو استطاع بسبب قصر العمر.
نامعلوم صفحہ