من النقل إلى الإبداع
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
اصناف
2
قد لا يحتاج النص إلى شرح لأنه بين بذاته ومفهوم بنفسه. وإذا احتاج فإن مقياس الوضوح هو الاتساق وعدم الوقوع في التناقض والخلف بين المقدمات والنتائج.
3
والشرح أيضا وصف لمسار الفكر الأرسطي من اليونان إلى المسلمين على نحو تاريخي، وقد يكون تقييما نهائيا لقول أرسطو باعتباره بنية عقلية مستقلة تعادل الموضوع ذاته. الأول تاريخي والثاني بنيوي. ويتضح المسار الفكري بالربط بين الأفكار وتحديد المقدمات واستنباط النتائج سواء في نص أرسطو أم في وصف شرح ابن رشد واصفا شرحه خطوة خطوة كجراح بمبعض يشرح العضو.
4
ويعترف ابن رشد بالعوص والحيرة والشك في نص أرسطو مما قد لا يقبل التوضيح والبيان بسهولة. ويراجع استدلال أرسطو. ويتتبع مسار فكره خطوة خطوة حتى يطمئن إلى الاتساق وعدم التناقض. ويشعر بالاستطراد في الشرح، ويذكر بالعودة إلى الموضوع الأصلي. فالتوضيح عملية ذهنية قد لا تنتهي. الاستدلال يؤدي إلى استدلال، ويصبح الفكر مجرد اتساق بصرف النظر عن الموضوع المشروح. يتحول الشرح إلى غاية في ذاته بدل أن يكون وسيلة لاقتناص الموضوع، ويقدم ابن رشد الكتاب كله، القصد الكلي قبل المقالة الأولى. فالكل سابق على الجزء. ويصف المعارك الأرسطية وأساليبه في الجدل.
5 (1) الوافد
وبالنسبة للوافد وهو في الغالب الوافد اليوناني وحده لأن اليونان كانوا يمثلون ثقافة العصر وكانت الأندلس بعيدة عن حضارة الشرق؛ فارس والهند وبابل. يحيل شرح البرهان إلى باقي كتب المنطق والطبيعيات لأرسطو. فالجزء لا يفهم إلا في إطار الكل مما يدل على القصد الكلي للشارح. كما يشير إلى محاورة مانن (مينون)، وكتاب إقليدس.
6
كما يشير إلى إيساغوجي والمقولات ولكنه لا يحيل إلى العبارة. ثم يظهر كتاب القياس كنقطة إحالة رئيسية. فالنص مشروحا أو شارحا له مراجعه ومكانه في كتب المنطق وباقي كتب أرسطو. يظهر بوضوح أو لا يظهر. فالموضوع الواحد يحال فيه إلى أكثر من موضع؛ ومن ثم كان شرح البرهان ليس فقط شرحا لكتاب البرهان لأرسطو بل دراسة موضوع البرهان في باقي كتبه وفي كتب غيره كما يفعل الدارس الحديث. لا يهم الشخص بل العمل مثل الإشارة إلى محاورة «مانن» دون أفلاطون. ويعلل ابن رشد البنية الداخلية لمنطق أرسطو. ويحدد رقم المقالة في كل كتاب متوخيا الدقة. ويحيل المنطق إلى الطبيعيات بعد إحالة المنطق إلى المنطق. أما الإحالة إلى الإلهيات فقليلة للغاية مما يدل على ارتباط المنطق بالطبيعيات كارتباط الطبيعيات بالإلهيات. ومن وسائل البيان إحالة الجزء إلى الكل، وشرح البرهان بالإحالة إلى باقي كتب المنطق، ثم بإحالة المنطق إلى الطبيعيات ثم إلى الإلهيات. فالمقولات واحدة في الذهن (المنطق) أو في العالم (الطبيعة) أو في الشعور (الميتافيزيقا). كما يحيل ابن رشد إلى باقي شروحه واضعا شرح البرهان في مجموع الشروح كجزء من كل.
نامعلوم صفحہ