من النقل إلى الإبداع
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
اصناف
وتظهر بعض الألفاظ الفقهية مثل أن المحمودات عند الشريعة كثيرا ما تضادها محمودات عند الطبيعة، فالتشنيع على أحدها يكون محمودا في الآخر. وهو تضاد مصطنع نظرا لوحدة الشريعة والطبيعة. الطبيعة محمودة بالعقل والشريعة محمودة عند الجمهور، والذي عنده الشريعة وعنده الأكثر هو محمود من أجل أنه مشهور وأن عليه الأكثر. وتضرب الأمثلة الفقهية على المغالطات. فإذا سأل أحد: هل المحرم الكثير أم القليل؟ وكانت الإجابة الكثير ألزم إلا يكون القليل غير محرم.
131
ويكاد يختفي الديني تماما من الكلام أو الفقه أو الأصول الأولى للموروث بالرغم من وجود ابن رشد في بيئة ابن حزم. (7) تلخيص الخطابة (أ) أفعال القول
وإذا كان الموروث قد تحول إلى وعاء للوافد في «تلخيص المقولات» و«تلخيص العبارة» نظرا لسهولة تعشيقهما معا في اللغة، الميدان الأول للثقافة العربية، وانحسرا معا في «تلخيص القياس» و«تلخيص البرهان» نظرا للطابع الصوري لتحليل القضايا، وانفرجا بعض الشيء في «تلخيص الجدل» و«تلخيص السفسطة» فإن الموروث بدا وعاء كبيرا لاحتواء الوافد في «تلخيص الخطابة» و«تلخيص الشعر» الميدان الثاني للثقافة العربية.
132
و«تلخيص الخطابة» أكبر حجما من الترجمة العربية القديمة نظرا لتوسع ابن رشد في إيضاح المعاني وإضافته مادة جديدة من الخطابة العربية إما لإعطاء أمثلة توضيحية على تحليلات أرسطو أو لتعديل هذه التحليلات لتوسيع أسسها النظرية على النحو الآتي.
133
والخطابة لا تنفصل عن الأخلاق والاجتماع والسياسة لأنها مجرد وسيلة للاتصال بين الناس في موضوعات عن الحياة العامة والأوضاع الاجتماعية. ومع ذلك فالتحليلات الأخلاقية والاجتماعية والسياسية ناقصة. يعوض عن ذلك كثرة الأمثلة من البيئة الثقافية العربية الإسلامية خاصة في المقالة الثالثة. ولا ينظر الفارابي إلى الخطابة عند أمة واحدة، العربية أو اليونانية، بل عند سائر الأمم.
وإذا كان الشرح على مستوى اللفظ فإن التلخيص على مستوى المعنى. وهو ما يعترف به ابن رشد نفسه في نهاية المقالة الأولى من أن التلخيص للمعنى من أجل توضيح المعاني وتحويلها من مجهول إلى معلوم حصرا للمعاني والأغراض أولا قبل الكلام.
134
نامعلوم صفحہ