من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
اصناف
كل شيء خلقناه بقدر .
99
وفي ترجمة قسطا بن لوقا في الآراء الطبيعية التي ترضى بها الفلاسفة لفلوطرخس، يتحكم التصور الديني في الترجمة عن طريق ترك لفظين معربين، كما يسميهما اليونانيون ذامريس وأراس، وتعني الجن وأنصاف الآلهة؛ لأنه لا يوجد في التصور الإسلامي أنصاف آلهة، ويستعمل بدلا عنهما الله والآلة وهي ألفاظ إسلامية، بل ويوصف الله بصفاته الإسلامية مثل الله جل وعز. وهناك مصطلحات دينية مشتركة لا حرج فيها مثل لفظ الكهانة. كان المترجمون حريصين على احترام التصورات الدينية الجديدة، واستعمال لفظ الله بدلا من المبدأ الأول أو العلة الأولى. وهذا ليس تحريفا ظاهرا بل خضوعا لمنطق التشكل الكاذب المزدوج، التعبير عن المضمون اليوناني بألفاظ إسلامية، أو التعبير عن المضمون الإسلامي بألفاظ يونانية. وقد يتعدى الأمر من مجرد الاستبدال اللغوي إلى التصورات ذاتها، والتصريح علنا بأن الله خلق العنصر الذي ليس مصورا، أو الصورة التي نسميها كمالا. وقد يستبدل بلفظ يوناني مثل الداناويون، الذي لا يثير أي معنى في ذهن القارئ العربي، لفظا إسلاميا مثل الحنفاء لاشتراك الاثنين في الغبطة والسعادة. كما حذف المترجم الله لعدم ضمه إلى العنصر (الهيولى)، والصورة تفردا له بالوحدانية ووصفه بأنه عز وجل، وبدلا من العلة الأولى يقول الله. كما يستبدل بلفظ الآلهة جمعا لفظ الله منفردا، وإذن ما لم يتحرج المترجم القديم عن عدم إضافة عز وجل بعد الله، فإن المترجم الحديث لا يحق له إضافتها لعدم وجود نمط واحد عن المترجم القديم. ويسقط وصف الله بأنه نار صناعي في الكون حرصا على التنزيه. وتضيف ترجمة الإسكندر إلى لفظ الله عز وجل.
100
وكل عبارات التمجيد في ترجمة جوامع كتاب طيماوس في العلم الطبيعي، من وضع المترجم حنين بن إسحاق، مثل الخالق تبارك وتعالى فقط، لا وربما من الناسخ لما كانت الترجمة عملا جماعيا، أو عز وجل، وكذلك ترجمة الآلهة بالملائكة؛ لأن الله فرد أحد صمد،
101
وكذلك يضيف عبد المسيح الحمصي الناعمي في ترجمة «أثولوجيا» إلى لفظ الباري عز وجل تعالى، بل إن الباري خالق للأشياء عز اسمه وأيضا الباري الحكيم، بل تستعمل العبارات الإسلامية مثل إن شاء الله تعالى،
102
بل إن إضافة صفات التمجيد لله تمتد أيضا إلى نصوص، قد لا تتفق مع التصور الإسلامي، مثل حجج أبرقلس في قدم العالم؛ فالخالق تعالى هو صفة لله في نص مترجم عن قدم العالم! كما تظهر المصطلحات الشرعية مثل الكفر بالله.
103 (4) الترجمة موقف حضاري
نامعلوم صفحہ