من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
اصناف
وتظهر بعض المصطلحات العربية القديمة، مثل الذهل الذي يعني الثأر أو العداوة أو الحقد، والرصيد اللغوي القديم هو المعين الأول في صياغة المصطلحات المقابلة اليونانية، مع تلمس المعنى الاشتقاقي له الذي يعني الكمون والرصد، ويتضح هذا عند الكندي في استعمال مصطلحات القنية؛ أي الماهية، والأيس والليس؛ أي الوجود واللا وجود، التأييس؛ أي الإيجاد.
6
ويعتمد تعريف بعض المصطلحات على بعضها البعض، دون الوقوع في الدور، مثل الخاطر علته السانح والإرادة علتها الخاطر،
7
ومعظم المصطلحات في رسالة الكندي مفردة وليست مزدوجة؛ أي المصطلح البسيط وليس المركب في عبارة شارحة، وتعريف القوة بأنها ما ليس بظاهر، حتى ولو تباعد التعريفان.
وبقدر ما توجد في المصطلحات أبعاد إلهية ودينية، توجد في مصطلحات أخرى أبعاد إنسانية خالصة، مثل تعريف الفضائل الإنسانية، قادرة على احتواء الوافد داخل الموروث؛ نظرا لاتفاقهما في العقل والطبيعة؛ فالمصطلح مفتوح من الجانبين، من الخارج لاحتواء الخارج ومن الداخل لتعشيقه في الموروث؛ ومن ثم أمكن إدخال تعريف الفضائل الإنسانية وتقسيمها عند أفلاطون ولفضيلة الاعتدال، وجعل الفضيلة وسطا بين طرفين ضد الإفراط والتفريط. كما أمكن احتواء بقراط في تحديد مصطلح الطبيعة بمعانيها المختلفة تأسيسا للفلسفة على العلم. وهو الوحيد المذكور في رسالة الكندي بالرغم من اعتماد «رسالة الحدود» على العقل الخالص.
8
ويكشف تحديد بعض المصطلحات عن التيار الفلسفي وراءه مثل التعريفات البيولوجية للظواهر النفسية، تعريف الغضب بغليان دم القلب، والضحك باعتدال دم القلب، وقسمة الأخلاق إلى ما يتعلق بالنفس وما يحيط بآثار البدن، التي تقوم على نفس التصور الثنائي للإنسان وقسمته إلى نفس وبدن، كما يعطي الكندي الأولوية المطلقة للعلة التمامية (الغائية)، ويعتبرها العلة المطلقة على باقي العلل الثلاثة.
9
ويشمل المصطلح الفلسفي كل أقسام الحكمة، المنطق والطبيعيات والإلهيات، النظرية والعملية؛ فكثير من مصطلحات الكندي في رسالته أخلاقية، يغلب عليها الفلسفة ثم المنطق ثم العلم ثم التصوف؛ نظرا لورود بعض مصطلحاته مثل المحبة والعشق والرضا، وبعضها رياضية مثل الجذر والضرب والقسمة، وبعضها موسيقي مثل الإيقاع أو نفسي مثل التوهم أو منطقي مثل كل وجميع أو أسماء علوم مثل الطب والفلك، والغالب عليها الفلسفة ثم المنطق ثم الإنسانيات ثم الرياضيات ثم العلوم. وأقل المصطلحات في السياسة والاجتماع باستثناء تعريف الصديق، ويظهر البعد النفسي في تحديد العلم. وقد تميز الطب بمفرده كمصطلح مما يدل على اهتمام الكندي بالطب؛ لذلك كان التعريف الرابع للفلسفة من جهة العلة من التعريفات الستة، هو تعريف من حيث تصنيف العلوم؛ فالفلسفة صناعة الصناعات، وحكمة الحكم، تبدأ بالقدماء إعطاء للحق لصاحبه، واعترافا بدور القدماء دون نسبة القول إلى النفس، أمانة واعترافا للفضل وليس نقلا أو تقليدا.
نامعلوم صفحہ