وحميت الحديدة واشتد الصخب والتبست الأصوات. وكانت دهشة الشيخ حسن الصيادي شديدة إذ وجد نفسه بغتة أمام رجله الموعود بالمنصب، ولكنه ما تضعضع بل صاح به: الله الله الله هو.
فمد الرجل رقبته نحو الشيخ وأجاب: مركز حيفا أخذوه! فصفق الشيخ حسن صفقة ارتجت لها الزاوية وأجاب على الفور: فشروا، فشروا، الله الله الله هو.
فصرخ الرجل من فرحته: الله، الله، الله هو.
وكان أن فشروا حقا وعين الرجل قاضيا بعد أيام، ولا عجب فكل من كان له «صيادي» في ذلك الزمان، كان يصطاد حتى الدلافين والحيتان ...
كانت وسيلة الأمس ذهبية أما وسائط اليوم فعملتها طائفية، نفوذية برلمانية. كان الوسطاء اثنين ثلاثة، أما اليوم فعشرات ومئات، وكان الله في عون الحكومة.
فالنواب والزعماء والمتزعمون يريدون أن تبقى «زلمهم» حيث هم، والشعب قد كره الوجوه العتيقة التي لا تحول ولا تزول، حجارة داما نتلهى بنقلها من هنا إلى هناك بعد تفكير عميق وألف حساب، والشعب يطلب من الحكومة التطهير، أن تطلع داما وتقش الحجارة قشا ...
وتصفها صفا جديدا لا يبقي ولا يذر إلا الصالح والنظيف، فهل تلعب الحكومة هذه اللعبة الخطرة.
فلنقدم قد يفيد تغيير المناخ مسلولا في الدرجة الأولى، أما أصحاب الدرجة الثالثة فما يريحهم، ولا يريح الناس منهم إلا القبر، فاقبروا هؤلاء الأحياء الأموات ...
9 / 11 / 52
أم 44
نامعلوم صفحہ