فيها خمسة على الأقل يعرفون اسمي، ويحفظون طرفًا من مناقبي أو أطرافًا من مثالبي؟!
ولقد اشتغلت الجرائد منذ سنة أسبوعًا كاملًا بشتمي وسبّي في صفحاتها الأولى من أجل تلك الخطبة المشهورة (١)، وفعلت مثل ذلك أيام الانتخاب سنة ١٩٤٧ ونسبت إليّ نقائصَ تشين إبليس، فهل يصدق القراء أني لم أبالِ بها، حتى إني لم أقرأ أكثرها؟ أقسم بالله أن هذا الذي كان! ولقد نشرت الجرائد مرات أخرى أطيب الثناء عليّ وألصقت بي مناقب تزين الملائكة فما باليت بها أيضًا، لأن «كِلا طرفَي قَصْدِ الأمور ذميم»، والثناء إن زاد كالهجاء إن زاد؛ كلاهما أقرب إلى الكذب، وما أنا ملَك ولا أنا شيطان، ولي حسنات ولي سيئات، وأنا أعرف بنفسي من سائر الناس.
* * *
إني لأسأل مرة ثانية: ما الشهرة؟
إن الشهرة وهمٌ ليس له في سوق الحقيقة قيمة وليس له في ميزان الواقع وزن، حتى إن هذا الحرف (أي الشهرة) لا يصح لغة، ولا تكون الشهرة في الفصيح إلاّ بالعيب والعار والفضيحة، ولكن الألسنة أدارتها على هذا المعنى فكتبنا للناس ما يفهمون.
(١) التي هزّت دمشق وشَغَلت أهلها وكانت حديثَ جرائدها ومجلاتها. اقرأ تفصيلاتها في الحلقة ١٣٥ من «الذكريات» (٥/ ١٠١) (مجاهد).