147

من حديث النفس

من حديث النفس

ناشر

دار المنارة للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الثامنة

اشاعت کا سال

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

پبلشر کا مقام

جدة - المملكة العربية السعودية

اصناف

زخرف هذه الحديقة ورصعها بالورد والزهر ووضع فيها خلاصة فنه ونِتاج عبقريته. وكان كل شيء عاشقًا قد سكر بخمرة الجمال وراح يحلم؛ فالصحراء الواسعة قد سكرت وتغلغلت في الظلام منفردة تحلم بالظل والماء، والسهول المجاورة راحت تحلم بربيع دائم، وعاد الأمس حيًا حالمًا بالخلود، وأطلّ الغد نَشوان يحلم بليلة مثل هذه الليلة. وكنت أحلم ... فما راعني وهبط بي من سماء أحلامي إلاّ ضحكة عذبة رقيقة كأنها رنين الذهب، لم أسمعها بأذني ولكني رأيتها بعيني تتدحرج طافية على وجه النسيم الأحمر حتى غاصت في الظلام الساكن، وعاد الصمت ... وكانت ضحكة عاشقين قد نسيا الوجود وما فيه وغابا في حلم حي يقظان! فهاج ذلك صديقي الشاعر، فانحنى عليّ وألقى في أذني إحدى أغانيه (الجديدة): زرعت روض شفتي بالقبل فأزهر وأينع، ولكن لم يقطفه أحد فذوى وجف. وأعددت سرير الحب في قلبي وضمّخته بالعطر، ولكن لم يهجع عليه أحد فعلاه الغبار. كأن الناس لمّا خُلقوا قُسموا أنصافًا، ثم نثروا في الحياة، فمن وجد نصفه صار إنسانًا، ومن وجد غيره كان مسخًا، ومن لم يجد بقي نصف إنسان. فأين أنت يا نصفي الآخر؟

1 / 158